قوله: «في مفارق» ، جمع مفرق، وهو المكان الّذي يفترق فيه الشعر في وسط الرأس، قيل: ذكرته بصيغة الجمع تعميما لجوانب الرأس التي يفرق فيها الشعر. وأخرجه مسلم في كتاب الحج، باب (٧) الطيب للمحرم عند الإحرام، حديث رقم (٤٠) : «لكأنّي انظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وهو يهل» ، وحديث رقم (٤١) : «كأنى انظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وهو يلبى، وحديث رقم (٤٢) : «كأنما انظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وهو محرم، وحديث رقم (٤٣) : إن كنت لأنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وهو محرم، حديث رقم (٤٥) : «كأنى انظر إلى وبيص المسك في مفرق رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وهو محرم، قال الإمام النووي: وقولها: «كأنى انظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وهو محرم» ، المراد به أثره لا جرمه، هذا كلام القاضي، ولا يوافق عليه، بل الصواب ما قاله الجمهور: أن الطيب مستحب للإحرام، لقولها: طيبته لحرمة، وهذا ظاهر في أن الطيب للإحرام لا للنساء، ويعضده قولها: كأنى انظر إلى وبيص الطيب، والتأويل الّذي قاله القاضي غير مقبول لمخالفته الظاهر بلا دليل يحملنا عليه. وأما قولها: «ولحله قبل أن يطوف» ، فالمراد به طواف الإفاضة، ففيه دلالة لاستباحة الطيب بعد رمى حجرة العقبة والحلق، وقبل الطواف، وهذا مذهب الشافعيّ والحلماء كافة، إلا مالكا كرهه قبل طواف الإفاضة، وهو محجوج بهذا الحديث. وقولها: «لحله» ، دليل على أنه حصل له تحلل، وفي الحج تحللان يحصلان بثلاثة أشياء: رمى جمرة العقبة، والحلق، وطواف الإفاضة مع سعيه إن لم يكن سعى عقب طواف القدوم، فإذا فعل الثلاثة حصل التحللان، وإذا فعل اثنين منهما حصل التحلل الأول، أيّ اثنين كانا، ويحل بالتحلل الأول جميع المحرمات إلا الاستمتاع بالنساء، فإنه لا يحل إلا بالثاني، وقيل: يباح منهن غير الجماع بالتحلل الأول، وهو قول بعض أصحابنا، وللشافعي قول أنه لا يحل بالأول إلا اللبس، والحلق، وقلم الأظفار، والصواب ما سبق، واللَّه تعالى أعلم. (مسلم بشرح النووي) : ٨/ ٣٤٩- ٣٥١.