للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرج ابن حبان في صحيحه من حديث محمد بن إسحاق بن خزيمة، حدثنا أبو عمار، حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبى خالد، عن قيس بن أبى حازم، عن المغيرة بن شعبة، أنه كان قائما على رأس رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بالسيف، وعنده عروة بن مسعود، فجعل يتناول لحية النبي صلى اللَّه عليه وسلم ويحدثه، فقال المغيرة لعروة: لتكفّن يدك عن لحيته، أو لا ترجع إليك، فقال عروة:

من هذا؟ قال: هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة، فقال عروة: يا غدر، ما غسلت رأسك من غدرتك بعد [ (١) ] .

وقال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني محمد بن سعيد الثقفي، وعبد اللَّه بن عبد الرحمن بن يعلا بن كعب، ومحمد بن يعقوب ابن عتبة عن أبيه وغيرهم، قالوا: قال المغيرة بن شعبة: كنا قوم من العرب متمسكين بديننا، ونحن سدنة اللات، وأرانى لو رأيت قومي قد أسلموا ما تبعتهم، فأجمع نفر من بنى مالك الوفود على المقوقس، وأهدوا له هدايا فأجمعت الخروج معهم، فاستشرت عمى عروة بن مسعود فنهاني وقال:

ليس معك من بنى أبيك أحد، فأبيت إلا الخروج [ (٢) ] .

فخرجت معهم، وليس معهم من الأحلاف غيري، حتى إذا دخلنا الإسكندرية، فإذا المقوقس في مجلس مطلّ على البحر، فركبت قاربا حتى حاذيت مجلسه، فنظر إليّ فأنكرنى، وأمر من سألني من أنا وما أريد، فسألني، فأخبرته بأمرنا، وإنا قدمنا عليه، فأمر أن ننزل، وأجرى علينا ضيافة، ثم دعانا فنظر إلى رأس بنى مالك فأدناه إليه، وأجلسه معه ثم


[ (١) ] (الإحسان بتقريب صحيح ابن حبان) : ١١/ ٢١٦- ٢٢٧، كتاب السير، باب (١٨) الموادعة والمهادنة، ذكر ما يستحب للإمام من استعمال المهادنة بينه وبين أعداء اللَّه، إذا رأى بالمسلمين ضعفا يعجزون عنهم، حديث رقم (٤٨٧٢) ، من حديث المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم، بسياقه أخرى.
[ (٢) ] (طبقات ابن سعد) : ٤/ ٢٨٥.