سأله: أكل القوم من بنى مالك؟ فقال: نعم إلا رجلا واحدا من الأحلاف، وعرّفه إياي، فكنت أهون القوم عليه [ (١) ] .
ووضعوا هداياهم بين يديه فسرّ بها وأمر بقبضها، وأمر لهم بجوائز، وفضّل بعضهم على بعض، وقصّر بى فأعطانى شيئا قليلا لا ذكر له، وخرجنا، فأقبلت بنو مالك يسيّرون هداياهم لأهليهم وهم مستبشرون، ولم يعرض عليّ أحد منهم شيئا، وخرجوا وحملوا معهم خمرا فكانوا يشربون منها وأشرب معهم، ونفسي تأبى أن تدعني معهم، وقلت:
ينصرفون إلى الطائف بما أصابوا مما حباهم به الملك، ويخبرون قومي بتقصيرهم بى، وازدرائه إياي، فأجمعت على قتلهم، قلت: إني أجد صداعا، فوضعوا شرابهم ودعوني فقلت: برأسى صداع، ولكن أجلس فأسقيكم فلم ينكروا شيئا، فجلست أسقيهم وأشرب القدح بعد القدح، فلما دبّت الكأس فيهم اشتهوا الشراب، فصرت أصرف لهم وأنزع الكأس حتى ناموا ما يعقلون، فوثبت بهم، فقتلتهم جميعا وأخذت ما معهم [ (١) ] .
فقدمت على النبي صلى اللَّه عليه وسلم فوجدته جالسا في المسجد مع أصحابه، وعليّ ثياب السفر، فسلمت سلام الإسلام،
فنظر إليّ أبو بكر- وكان بى عارفا- فقال: أنت ابن أخى عروة؟ قلت نعم، قال: ما جاء بك؟ قلت: جئت أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأن محمدا رسول اللَّه، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: الحمد للَّه الّذي هداك إلى الإسلام، فقال أبو بكر رضى اللَّه عنه: أمن مصر أقبلتم؟
قلت: نعم، قال: فما فعل المالكيون الذين كانوا معك؟ قلت: كان بيني وبينهم بعض ما يكون بين العرب ونحن على دين الشرك، فقتلتهم وأخذت أسلابهم، وجئت بها إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ليخمسها، ويرى فيها رأيه، فإنّها غنيمة من المشركين، وأنا مسلم مصدق محمد، فقال رسول اللَّه