للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومسلم [ (١) ] من حديث أبى إسحاق عن البراء، فذكر حديث حنين وفيه:


[ () ] رقم (٤٣١٧) ، ٦/ ١٣٠- ١٣١، كتاب الجهاد والسير، باب (٩٧) من صف أصحابه عند الهزيمة، ونزل عن دابته فاستنصر، حديث رقم (٢٩٣٠) .
قوله: «صف أصحابه عند الهزيمة» أي صف من ثبت معه بعد هزيمة من انهزم، قوله: «واستنصر» أي استنصر اللَّه تعالى بعد أن رمى الكفار بالتراب. (فتح الباري) .
[ (١) ] (مسلم بشرح النووي) : ١٢/ ٣٦٠- ٣٦١، كتاب الجهاد والسير، باب (٢٨) في غزوة حنين، حديث رقم (١٧٧٦) ،
قوله صلى اللَّه عليه وسلم:
أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب
قال القاضي عياض: قال المازري: أنكر بعض الناس كون الرجز شعرا لوقوعه من النبي صلى اللَّه عليه وسلم، مع قوله تعالى: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ وهذا مذهب الأخفش، واحتج به على فساد مذهب الخليل في أنه شعر، وأجابوا عن هذا بأن الشعر هو ما قصد إليه، واعتمد الإنسان أن يوقعه موزونا مقفى، يقصده إلى القافية.
وهكذا الجواب عما في القرآن من الموزون، كقوله تعالى: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ، وقوله تعالى: نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ، ولا شك أن هذا لا يسميه أحد من العرب شعرا، لأنه لم تقصد تقفيته وجعله شعرا.
قال الإمام النووي: وقد قال الإمام أبو القاسم عليّ بن أبى جعفر بن عليّ السعدي الصّقلّىّ المعروف بابن القطاع في كتابه (الشافي في علم القوافي) : قد رأى قوم- منهم الأخفش وهو شيخ هذه الصناعة بعد الخليل- أن مشطور الرجز ومنهوكه ليس بشعر،
كقول النبي صلى اللَّه عليه وسلم: اللَّه مولانا ولا مولى لكم،
وقوله صلى اللَّه عليه وسلم: هل أنت إلا إصبع دميدت، وفي سبيل اللَّه ما لقيت،
وقوله صلى اللَّه عليه وسلم: أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب، وأشباه ذلك.
قال ابن القطاع: وهذا الّذي زعمه الأخفش وغيره غلط بيّن، وذلك لأن الشاعر إنما سمّى شاعرا لوجوه [ذكرها الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم فلتراجع هنالك] .
فإن قيل: كيف
قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: أنا ابن عبد المطلب
فانتسب إلى جده دون أبيه وافتخر بذلك، مع أن الافتخار في حق أكثر الناس من عمل الجاهلية؟ فالجواب أنه صلى اللَّه عليه وسلم كانت شهرته بجده أكثر لأن أباه عبد اللَّه توفى شابا في حياة أبيه عبد المطلب، قبل اشتهار عبد اللَّه، وكان عبد المطلب مشهورا شهرة ظاهرة شائعة، وكان سيد أهل مكة، وكان كثير من الناس يدعون النبي صلى اللَّه عليه وسلم ابن عبد المطلب ينسبونه إلى جده لشهرته.
ومنه حديث همام بن ثعلبة في قوله: أيكم ابن عبد المطلب؟ وقد كان مشتهرا عندهم أن عبد المطلب بشّر بالنبيّ صلى اللَّه عليه وسلم، وأنه سيظهر، وسيكون شأنه عظيما، وكان قد أخبره بذلك سيف