للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم على بغلته البيضاء، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يقود به، فنزل فاستنصر

وقال: أنا النبي لا كذب* أنا ابن عبد المطلب

ثم صفّهم. وقال البخاري: ثم صفّ أصحابه، وقال فيه: وابن عمه أبو سفيان بن الحارث. ترجم عليه باب: من صفّ أصحابه عند الهزيمة، ونزل عن دابته واستنصر.

وأخرجاه من حديث شعبة، عن أبى إسحاق، ومن حديث سفيان الثوري عن أبى إسحاق، وخرّجه مسلم من طرق، عن أبى إسحاق، وخرجه تقى بن مخلد من حديث النضر بن شميل قال: أخبرنا عوف بن عبد الرحمن مولى أم برثن، قال: حدثني رجل كان في المشركين يوم حنين، قال: فلما التقينا نحن وصحابة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لم يقوموا لنا حلب شاة أن كشفناهم، قال: فبينما نحن نسوقهم في آثارهم فإذا صاحب بغلة بيضاء، وإذا هو رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم صاحب البغلة البيضاء، قال: فتلقانا عنده رجال بيض الوجوه، حسان الوجوه، وقالوا: شاهت الوجوه، ارجعوا، قال:


[ () ] ابن ذي يزن.
وقيل: إن عبد المطلب رأى رؤيا تدل على ظهور النبي صلى اللَّه عليه وسلم، وكان ذلك مشهورا عندهم، فأراد النبي صلى اللَّه عليه وسلم تذكيرهم بذلك، وتنبيههم بأنه صلى اللَّه عليه وسلم لا بدّ من ظهوره على الأعداء، وأن العاقبة له، لتقوى نفوسهم، وأعلمهم أيضا بأنه ثابت، ملازم للحرب، لم يول مع من ولى، وعرّفهم موضعه، ليرجع إليه الراجعون. واللَّه تعالى أعلم.
ومعنى
قوله صلى اللَّه عليه وسلم: «أنا النبي لا كذب» ،
أي أنا النبي حقا، فلا أفرّ ولا أزول، وفي هذا دليل على جواز قول الإنسان في الحرب: أنا فلان، وأنا ابن فلان، ومثله قول سلمة: أنا ابن الأكوع، وقول عليّ رضى اللَّه عنه: أنا الّذي سمتني أمى حيدرة، وأشباه ذلك.
وقد صرّح بجوازه علماء السلف، وفيه حديث صحيح، قالوا: وإنما يكره ذلك على وجه الافتخار كفعل الجاهلية، واللَّه تعالى أعلم. (مسلم بشرح النووي) : ١٢/ ٣٦١- ٣٦٣ مختصرا.