للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن حديث عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن ثابت البناني وعاصم الأحول عن أنس رضى اللَّه عنه قال: إن رجلا خياطا دعي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فذكره، وزاد ثابت: فسمعت أنسا يقول: فما صنع لي طعام بعد أقدر على أن يصنع فيه دباء إلا صنع [ (١) ] .

وخرّجه مالك في الموطّأ، عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبى طلحة قال: أنه سمع أنس بن مالك رضى اللَّه عنه يقول: إن خياطا دعي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لطعام صنعه، قال أنس رضى اللَّه عنه: فذهبت مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إلى ذلك الطعام، فقرّب إليه خبزا من شعير ومرقا فيه دباء، قال أنس رضى اللَّه عنه:

فرأيت النبي صلى اللَّه عليه وسلم يتبع الدباء من حول القصعة، فلم أزل أحب الدباء بعد ذلك اليوم [ (٢) ] .

قال ابن عبد البر: هكذا هذا الحديث في الموطأ عند جميع رواته فيما علمت بهذا الإسناد، وزاد بعضهم فيه ذكر القديد.

وقال أبو بكر بن أبى شيبة: حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبى خالد، عن حكيم بن جابر عن أبيه قال: دخلت على النبي صلى اللَّه عليه وسلم في بيته، وعنده هذه الدباء، فقلت: أي شيء هذا؟ قال: هذا القرع نكثر به طعامنا.


[ (١) ] (المرجع السابق) ، آخر أحاديث الباب بدون رقم، وفي هذه الأحاديث من الفوائد: إجابة الدعوة، وإباحة كسب الخياط، وإباحة المرق، وفضيلة أكل الدبّاء، وأنه يستحب أن يحب الدبّاء، وكذلك كل شيء كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يحبه، وأنه يحرص على تحصيل ذلك، وأنه يستحب لأهل المائدة إيثار بعضهم بعضا إذا لم يكرهه صاحب الطعام.
وأما تتبع الدباء من حوالي الصحفة، فيحتمل وجهين: أحدهما من حوالي جانبه وناحيته من الصحفة، لا من حوالي جميع جوانبها، وإنما نهى عن ذلك لئلا يتقذره جليسه، ورسول اللَّه* لا يتقذره أحد، بل يتبركون بآثاره صلى اللَّه عليه وسلم، فقد كانوا يتبركون ببصاقه صلى اللَّه عليه وسلم ونخامته، ويدلكون بذلك وجوههم، وشرب بعضهم بوله، وبعضهم دمه، وغير ذلك مما هو معروف من عظيم اعتنائهم بآثاره صلى اللَّه عليه وسلم. (شرح النووي على صحيح مسلم) .
[ (٢) ] (موطأ مالك) : ٣٧٢، كتاب النكاح، حديث رقم (١١٥٠) .