عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «العين حق، وإذا استغسل أحدكم فليغتسل» . والبيهقي في (السنن الكبرى) : ٩/ ٣٥٢، كتاب الضحايا، باب الاغتسال للمعين. قال العلامة ابن القيم في (زاد المعاد) : والعين عينان: عين إنسية، وعين جنية، فقد صح عن أم سلمة أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم رأى في بيتها جارية في وجهها سعفة، فقال صلى اللَّه عليه وسلم: «استرقوا لها فإن بها النظرة [أخرجه البخاري في الطب، باب رقية العين، ومسلم في السلام باب رقية العين، والسفعة- بفتح السين ويجوز ضمها- سواد في الوجه، ومنه سفعة الفرس: سواد ناصيته، وعن الأصمعي: حمرة يعلوها سواد، وقيل: صفرة، وقيل: سواد مع لون آخر، وقال: ابن قتيبة: لون يخالف لون الوجه، وكلها متقاربة] . وعن أبى سعيد، أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان يتعوذ من الجان، ومن عين الإنسان [أخرجه الترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وحسنه الترمذي، وتمامه: فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما وترك ما سوى ذلك] . فأبطلت طائفة ممن قلّ نصيبهم من السمع والعقل أمر العين، وقالوا: إنما ذلك أوهام لا حقيقة لها، وهؤلاء من أجهل الناس بالسمع والعقل، ومن أغلظهم حجابا، وأكثفهم طباعا، وأبدعهم معرفة عن الأرواح والنفوس، وصفاتها، وأفعالها، وتأثيراتها. وعقلاء الأمم على اختلاف مللهم ونحلهم لا تدفع أمر العين ولا تنكره، وإن اختلفوا في سببه وجهة تأثير العين. فقالت طائفة: إن العائن إذا تكيفت نفسه بالكيفية الرديئة، انبعث من عينه قوة سمّيّة تتصل بالمعين فيتضرر. قالوا: ولا يستنكر هذا كما لا يستنكر انبعاث قوة سمية من الأفعى تتصل بالإنسان، فيهلك، وهذا أمر قد اشتهر عن نوع من الأفاعي أنها إذا وقع بصرها على الإنسان هلك، فكذلك العائن. وقالت فرقة أخرى: لا يستبعد أن ينبعث من عين بعض الناس جواهر لطيفة غير مرئية، فتتصل بالمعين، وتتخلل مسام جسمه فيحصل له الضرر. وقالت فرقة أخرى: قد أجرى اللَّه العادة بخلق ما يشاء من الضرر عند مقابلة عين العائن لمن يعينه، من غير أن يكون منه قوة ولا سبب ولا تأثير أصلا، وهذا مذهب منكري الأسباب والقوى والتأثيرات في العالم، وهؤلاء قد سددوا على أنفسهم باب العلل والتأثيرات والأسباب، وخالفوا العقلاء أجمعين.