للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ] وأخرجه ابن أبى شيبة في (المصنف) ٥/ ٣٨، كتاب الطب، باب (١٣) في التلبينة، حديث رقم (٢٣٤٩١) .
وأخرجه الحاكم في (المستدرك) : ٤/ ٢٢٧، كتاب الطب، حديث رقم (٧٤٥٤) ، وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : هكذا رواه المعافى بن سليمان عنه، ورواه زيد بن الحباب، عن فليح، عن أم مبشر بدل أم المنذر، قال: صحيح.
وحديث رقم (٧٤٥٥) ، وقال في (التلخيص) : أيمن هو ابن نايله، صحيح.
وأخرجه الإمام مسلم في كتاب السلام، باب (٣٠) التلبينة مجمة لفؤاد المريض، حديث رقم (٢٢١٦) .
قال العلامة ابن القيم: التلبين: هو الحساء الرقيق الّذي هو في قوام اللبن- ومن اشتق اسمه، قال الهروي: سميت تلبينة لشبهها باللبن، لبياضها ورقتها، وهذا الغذاء هو النافع للعليل، وهو الرقيق النضيح، لا الغليظ النيئ.
وإذا شئت أن تعرف فضل التلبينة، فاعرف فضل ماء الشعير، بل هي ماء الشعير لهم، فإنّها حساء متخذ من دقيق الشعير بنخالته، والفرق بينها وبين ماء الشعير أنه يطبخ صحاحا، والتلبينة تطبخ منه مطحونا، وهي أنفع منه لخروج خاصية الشعير بالطحن.
وقد تقدم أن للعادات تأثيرا في الانتفاع بالأدوية والأغذية، وكانت عادة القوم أن يتخذوا ماء الشعير منه مطحونا لا صحاحا، وهو أكثر تغذية، وأقوى فعلا، وأعظم جلاء، وإنما اتخذه أطباء المدن منه صحاحا ليكون أرق وألطف، فلا يشقل على طبيعة المريض، وهذا بحسب طبائع أهل المدن ورخاوتها، وثقل ماء الشعير المطحون عليها.
والمقصود: أن ماء الشعير مطبوخا صحاحا ينفذ سريعا، ويجلو جلاء ظاهرا، ويغذى غذاء لطيفا، وإذا شرب حارا كان جلاؤه أقوى، ونفوذه أسرع، وإنماؤه للحرارة الغريزية أكثر، وتلميسه لسطوح المعدة أوفق.
وقوله صلّى اللَّه عليه وسلّم: «فيها مجمّة لفؤاد المريض» ، يروى بوجهين: بفتح الميم والجيم، وبضم الميم وكسر الجيم، والأول أشهر، ومعناه: أنها مريحة له، أي تريحه وتسكنه من الإجمام وهو الراحة.
وقوله: «تذهب ببعض الحزن» ، هذا- واللَّه تعالى أعلم- لأن الغم والحزن يبرّدان المزاج، ويضعفان الحرارة الغريزية، لميل الروح الحامل لها إلى جهة القلب الّذي هو منشؤها، وهذا الحساء يقوى الحرارة الغريزية بزيادته في مادتها، فتزيل أكثر ما عرض له من الغم والحزن.
وقد يقال- وهو أقرب-: إنها تذهب ببعض الحزن بخاصية فيها من جنس خواص الأغذية المفرحة، فإن من الأغذية ما يفرح بالخاصية، واللَّه تعالى أعلم.. (زاد المعاد) : ٤/ ١٢٠- ١٢١.