وعند السحرة: أن سحرهم إنما يتم تأثيره في القلوب الضعيفة المنفعلة، والنفوس الشهوانية التي هي معلقة بالسفليات، ولهذا فإن غالب ما يؤثر في النساء، والصبيان، والجهال، وأهل البوادي، ومن ضعف حظه من الدين، والتوكل، والتوحيد، ومن لا نصيب له من الأوراد الإلهية، والدعوات والتعوذات النبويّة، وبالجملة: فسلطان تأثيره في القلوب الضعيفة المنفعلة، التي يكون ميلها إلى السفليات. قالوا: والمسحور هو الّذي يعين على نفسه، فإنا نجد قلبه متعلقا كثير الالتفات إليه، فيتسلط على قلبه بما فيه من الميل والالتفات. والأرواح الخبيثة إنما تتسلط على أرواح تلقاها مستعدة لتسلطها عليها، بميلها إلى ما يناسب تلك الأرواح الخبيثة، وبفراغها من القوة الإلهية، وعدم أخذها للعدة التي تحاربها بها، فتجدها فارغة لا عدة معها، وفيها ميل إلى ما يناسبها، فتتسلط عليها، ويتمكن تأثيرها فيها بالسحر وغيره. واللَّه تعالى أعلم. (زاد المعاد) : ٤/ ١٢٦- ١٢٧. قوله صلّى اللَّه عليه وسلّم: «فكرهت أن أثير على الناس شرّا» ، معناه أنه صلّى اللَّه عليه وسلّم ترك استخراج السحر خشية أن يثور على الناس منه شرّ، فسلك مسلك العدل في أن لا يحصل لمن لم يتعاط السحر من أثر الضرر الناشئ عن السحر شرّ وسلك مسلك الإحسان في ترك عقوبة الجاني (فتح الباري) : ١٠/ ٥٨٨. وأخرجه البخاري في (الطب) باب (٤٧) السحر، حديث رقم (٥٧٦٣) وفي باب (٤٩) هل يستخرج السحر، حديث رقم (٥٧٦٥) ، وأخرجه مختصرا في كتاب الجزية والموادعة باب (١٤) هل يعفى عن الذّمىّ إذا سحر، حديث رقم (٣١٧٥) . [ (١) ] وأخرجه ابن أبى شيبة في (المصنف) : ٥/ ٤٠، كتاب الطب، حديث رقم (٢٣٥٠٨) مختصرا، وحديث رقم (٢٣٥٠٩) كما ذكره المقريزي من رواية البخاري. [ (٢) ] زيادة للسياق. [ (٣) ] ما بين الحاصرتين سقط من النسخة (ج) .