وأيضا فإن بلالا لم ينتقل لأبى بكر إلا بعد ذلك بأكثر من ثلاثين عاما، فإنه كان لبني خلف الجمحيين، وعند ما عذب في اللَّه على الإسلام اشتراه أبو بكر رضى اللَّه عنه رحمة له، واستنقاذا له من أيديهم، وخبره بذلك مشهور. وقوله «فبايعوه» : إن كان المراد فبايعوا بحيرا على مسالمة النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم فقريب، وإن كان غير ذلك، فلا أدرى ما هو؟ (عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير) : ١/ ٤٣- ٤٤. [ (١) ] قال الحافظ ابن كثير في (البداية والنهاية) : قلت: فيه من الغرائب أنه من مرسلات الصحابة، فإن أبا موسى الأشعري إنما قدم في سنة خيبر سنة سبع من الهجرة، ولا يلتفت إلى قول ابن إسحاق في جعله له من المهاجرة إلى أرض الحبشة من مكة وعلى تقدير ذلك فهو مرسل. فإن هذه القصة كانت ولرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من العمر فيما ذكره بعضهم ثنتا عشرة سنة. ولعل أبا موسى تلقاه من النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم فيكون أبلغ، أو من بعض كبار الصحابة رضى اللَّه عنهم، أو كان هذا مشهورا مذكورا، أخذه من طريق الاستفاضة. الثاني: أن الغمامة لم تذكر في حديث أصح من هذا. الثالث: أن قوله: «وبعث معه أبو بكر بلالا» ، إن كان عمره صلّى اللَّه عليه وسلّم إذ ذاك ثنتى عشرة سنة، فقد كان عمر أبى بكر إذا ذاك تسع سنين أو عشرة، وعمر بلال أقل من ذلك، فأين كان أبو بكر إذ ذاك؟ ثم أين كان بلال؟ كلاهما غريب، اللَّهمّ إلا أن يقال: إن هذا كان ورسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم كبيرا، إما بأن يكون سفره بعد هذا، أو إن كان القول بأن عمره كان إذ ذاك ثنتى عشرة سنة غير محفوظ، فإنما ذكره مقيدا بهذا الواقدي. وحكى السهيليّ عن بعضهم: أنه كان عمره صلّى اللَّه عليه وسلّم إذ ذاك تسع سنين، واللَّه تعالى أعلم. (البداية والنهاية) : ٢/ ٣٤٨. [ (٢) ] ما بين الحاصرتين في كل الفقرات زيادة للسياق من النسخة (ج) .