للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمراد بعبده: محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم، وليلا: [أي] في جوف الليل، وقيل: في بعض الليل، لا في كله، وقيل: أي ذهب بعبده في سراة الأرض، أي متسعها [ (١) ] .

والمسجد الحرام، قيل: المراد به نفس الكعبة، وقيل: نفس المسجد الّذي فيه الكعبة، وفيه يقع الطواف والصلاة إليها، وقيل: نفس مكة، وقيل:

جميع الحرم، وقد أطلق لفظ المسجد الحرام بهذه الاعتبارات الأربعة، على الموضع الّذي [اسرى منه بالنبيّ عليه الصلاة والسلام] [ (٢) ] .


[ (١) ] و «عبد» المضاف إلى ضمير الجلالة هنا هو محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم، كما هو مصطلح القرآن، فإنه لم يقع فيه لفظ العبد مضافا إلى ضمير الغيبة الراجع إلى اللَّه تعالى، إلا مرادا به النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، ولأن خبر الإسراء به إلى بيت المقدس قد شاع بين المسلمين، وشاع إنكاره بين المشركين، فصار المراد «بعبده» معلوما.
والإضافة إضافة تشريف لا إضافة تعريف، لأن وصف العبوديّة للَّه متحقق لسائر المخلوقات، فلا تفيد إضافته تعريفا. (المرجع السابق) .
[ (٢) ] ذكر الماوردي في (الحاوي) في كتاب الجزية، أن كل موضوع ذكر اللَّه فيه المسجد الحرام، فالمراد به:
الحرم، إلا في قوله تعالى: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فإنه أراد به الكعبة.
وأما ابن أبى الصيف اليمنى فقال بعد ذكر المواضع الخمسة عشر [التي ذكر اللَّه تعالى فيها اسم المسجد الحرام في القرآن الكريم] : منها ما أراد اللَّه به الكعبة، كقوله تعالى: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ [البقرة: ١٤٤] ، ومنها ما أراد به مكة كقوله تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ [الإسراء: ١] ، وقد روى أنه صلّى اللَّه عليه وسلّم أسرى به من بيت أم هانئ بنت أبى طالب.
ومنها ما أراد به الحرم، كقوله تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ [التوبة:
٢٨] . قال:
وقد روى النسائي في سننه، من حديث ميمونة رضى اللَّه عنها قالت: سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يقول: صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الكعبة.
وروى أيضا من حديث أبى هريرة: إلا الكعبة. وفي رواية ابن ماجة: وصلاته بمكة بمائة ألف. مع ذكر المساجد يظهر أنه أراد مسجد مكة، والمصلى فيه مصل بمكة.
[فإنه قال في الحديث الّذي أخرجه جابر، عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل مائة ألف صلاة فيما سواه] . رواه ابن ماجة.
قال: والإنصاف أن الكل داخل في الاسم المذكور في القرآن، إلا أن الإطلاق إنما ينصرف إلى