للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للناس، قال: هي رؤيا عين أريها النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم ليلة أسرى به، وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ، هي شَجَرَةُ الزَّقُّومِ.

وعن ابن عباس، أن هذه الرؤيا: [ما رآه] عليه [الصلاة و] السلام قبل عمرة الحديبيّة، أنه يدخل مكة، وأخبر بذلك، فخرج معتمرا، وصده المشركون بالحديبية، فكان ذلك فتنة للناس، وامتنعوا من الحلق والنحر، وشك قوم، وتكلم عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه بما تكلم به، وبأن حديث شريك إنما هو حكاية حكاها عن أنس من تلقاء نفسه، فلا تعارض الروايات المتصلة من حديث أنس [ (١) ] .

فقد روى الزهري عن أنس، عن أبى ذر [رضى اللَّه عنهما] ، وروى قتادة عن أنس، عن مالك بن صعصعة، وروى ثابت عن أنس، حديث الإسراء، وهم أئمة حفاظ، ولم يقل أحد منهم في روايته ما قاله شريك عن أنس، [رضى اللَّه عنه] ، وقد عد جماعة من الحفاظ هذا من أوهام شريك التي أعكروها عليه، [ونبه] مسلم على ذلك بقوله: فقدم وأخر، وزاد ونقص [ (٢) ] ، فأما قوله: قبل أن يوحى إليه، فإنه غلط [منه] ، لم يوافق عليه، فإن الإسراء قد اختلف في تاريخه، فقال الزهري [في تاريخه] : أسرى برسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بعد مبعثه بثمانية وعشرين شهرا.

وقال إسحاق بن إبراهيم الحربي: أسرى بالنبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم ليلة سبع وعشرين من [شهر] ربيع الآخر، قبل الهجرة بسنة، وفرضت الصلاة عليه.


[ (١) ] قال القاضي عياض: وقوله فتنة للناس يؤيد أنها رؤيا عين، وإسراء بشخص، إذ ليس في الحلم فتنة، ولا يكذب به أحد، لأن كل أحد يرى مثل ذلك في منامه من الكون، في ساعة واحدة، في أقطار متباينة. على أن المفسرين قد اختلفوا في هذه الآية، فذهب بعضهم إلى أنها نزلت في قضية الحديبيّة، وما وقع في نفوس الناس من ذلك، وقيل غير هذا. (الشفا) : ١/ ١١٦.
[ (٢) ] ثم قال: «وليس في حديث ثابت من هذه الألفاظ إلا ما نورده على نصه» . (جامع الأصول) : ١١/ ٣٠٠، آخر الحديث رقم (٨٨٦٧) .