وقال القاضي عياض: اختلف السلف والخلف، هل رأى نبيّنا صلّى اللَّه عليه وسلّم ربه ليلة [الإسراء] ؟ فأنكرته عائشة [رضى اللَّه عنها] ، وجاء مثله عن أبى هريرة وجماعة، وهو المشهور عن ابن مسعود، وإليه ذهب جماعة من المحدثين والمتكلمين.
وروى عن ابن عباس أنه رآه بعينه، ومثله عن أبى ذر، وكعب، والحسن، وكان الحسن يحلف على ذلك، وحكى [مثله] عن ابن مسعود، وأبى هريرة، وأحمد بن حنبل، وحكى أصحاب المقالات عن أبى الحسن الأشعري، وجماعة من أصحابه، أنه رآه، ووقف بعض مشايخنا في هذا، وقال: ليس عليه دليل واضح، ولكنه جائز.
ورؤية اللَّه تعالى في الدنيا جائزة، وسؤال موسى عليه السلام إياها، دليل على جوازها، إذ لا يجهل نبيّ ما يجوز أو يمتنع على ربه تعالى، وقد اختلفوا في رؤية موسى عليه السلام ربه تعالى، وفي مقتضى الآية، ورؤية الجبل، جواب القاضي أبى بكر، ما يقتضي أنهما رأياه.
قال: وكذلك اختلفوا في قوله: ثُمَّ [دَنا] فَتَدَلَّى، والأكثرون على أن هذا الدنو والتدلي، مقسم بين جبريل والنبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، أو مختص بأحدهما من الآخر، أو من السدرة المنتهى.
وذكر ابن عباس، والحسن، ومحمد بن كعب، وجعفر بن محمد، وغيرهم، أنه دنوّ من النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم إلى ربه تعالى، أو من اللَّه تعالى، وعلى هذا القول، يكون الدنوّ والتدلي منا ليس على وجهه، بل كما
قال جعفر بن محمد الصادق: الدنوّ من اللَّه تعالى، لا حدّ له، ومن العباد بالحدود،
فيكون معنى دون النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم من ربه سبحانه وتعالى، وقربه منه، ظهور