وقدّم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم الهدى أمامه، فحبس بذي طوى، وخرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم على راحلته القصواء، والمسلمون متوشحون السيوف محدّقون برسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يلبّون، فدخل من الثنية التي تطلعه على الحجون، وابن رواحة آخذ بزمام راحلته، ولم يزل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يلبى حتى استلم الركن بمحجنه مضطبعا بثوبه، وطاف على راحلته والمسلمون يطوفون معه وقد اضطبعوا بثيابهم. ثم طاف رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بين الصفا والمروة على راحلته، فلما كان الطواف السابع عند فراغه- وقد وقف الهدى عند المروة- قال: هذا المنحر وكل فجاج مكة منحر، وحلق هناك وكذلك فعل المسلمون. وأمر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم رجالا منهم أن يذهبوا إلى أصحابهم ببطن يأجج فيقيموا على السلاح، ويأتى الآخرون فيقضوا نسكهم ففعلوا وأقام رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بمكة ثلاثا: (المواهب اللدنية) : ١/ ٥٤٠- ٥٤٦ مختصرا. قال ابن سعد: أخبرنا أحمد بن عبد اللَّه بن يونس، عن داود بن عبد الرحمن، عن ابن جريج، عن مزاحم، عن عبد العزيز بن عبد الملك، عن محرش الكعبي، هكذا قال: اعتمر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ليلا من الجعرانة ثم رجع كبائت، قال: فلذلك خفيت عمرته على كثير من الناس، قال داود: عام الفتح. ثم قال: أخبرنا موسى بن داود، أخبرنا ابن لهيعة عن عياض بن عبد الرحمن، عن محمد بن جعفر، أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم اعتمر من الجعرانة، وقال: اعتمر منها سبعون نبيا. (طبقات ابن سعد) : ٢/ ١٧١- ١٧٢، ذكر عمرة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم. قال ابن سعد: أخبرنا الهيثم بن خارجة، أخبرنا يحى بن حمزة عن أبى وهب عن مكحول أنه سئل: كيف حج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ومن حج معه من أصحابه؟ فقال: حج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ومن حج معه من أصحابه معهم النساء والولدان، قال مكحول: تمتعوا بالعمرة إلى الحج، فحلوا فأحل لهم ما يحل للحلال من النساء والطيب. (طبقات ابن سعد) : ٢/ ١٧٦.