للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويذهل الخليل عن خليله [ (١) ]

فقال عمر بن الخطاب: يا ابن رواحة! فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: يا عمر، إني أسمع! فأسكت عمر.

قال: وتغيب رجال من أشراف المشركين، كراهية ان ينظروا إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وأصحابه غيظا، وحنقا، ونفاسة، وحسدا، خرجوا إلى بوادي مكة.

قال ابن إسحاق: فأقام رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ثلاثة، فأتاه حويطب بن عبد العزى بن أبى قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل، في نفر من قريش، في اليوم الثالث، وكانت قريش قد وكلته بإخراج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من مكة، فقالوا له: إنه قد انقضى أجلك، فاخرج عنا، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وما عليكم لو تركتموني، فأعرست بين أظهركم، وصنعنا لكم طعاما فحضرتموه؟

قالوا: لا حاجة لنا في طعامك، فاخرج عنا، فخرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم،

وخلف أبا رافع مولاه على ميمونة، حتى أتاه بها بسرف [ (٢) ] ، فبنى بها هنالك ثم انصرف إلى المدينة.


[ (١) ] هذه الأبيات في (ابن هشام) هكذا:
خلوا بنى الكفار عن سبيله ... خلوا فكل الخير في رسوله
يا رب إني مؤمن بقيله ... أعرف حق اللَّه في قبوله
نحن قتلناكم على تأويله ... كما قاتلناكم على تنزيله
ضربا يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله
[ (٢) ] مكان قرب التنعيم، وبسرف كانت وفاتها رضى اللَّه تبارك وتعالى عنها، وذلك سنة ثلاث وستين، وقيل سنة ست وستين، صلى عليها ابن عباس ويزيد بن الأصم، وكلاهما ابن أخت لها، ويقال فيها نزلت: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ [الأحزاب: ٥٠] في أحد الأقوال، وذلك أن الخاطب جاءها وهي على بعيرها فقالت البعير وما عليه لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم واختلف الناس في تزويجه إياها، أكان محرما أم حلالا، وقد أوضحنا ذلك مفصلا في الحديث عن أزواج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم.