للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب

وقوله صلّى اللَّه عليه وسلّم:

تاللَّه لولا اللَّه ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزلن سكينة علينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا

وقوله صلّى اللَّه عليه وسلّم:

[اللَّهمّ] إن العيش عيش الآخرة ... فارحم الأنصار والمهاجرة.

وقوله صلّى اللَّه عليه وسلّم: تعس عبد الدينار والدرهم، وعبد الخميصة، إن أعطى منها رضى، وإن لم يعط سخط، نفس وانتكس، وإن شيك فلا انتكش.

فلم يدع أحد من العرب أن شيئا من هذا يشبه القرآن، ولا أن فيه كسر لقوله، وكان عرض رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم على العرب هذا الكلام، الّذي أعجزهم عن الإتيان بمثله، أعجب في الآية، وأوضح في الدلالة، من إحياء عيسى عليه السّلام الموتى، وإبرائه الأكمه والأبرص، لأنه صلّى اللَّه عليه وسلّم أتى أهل البلاغة، وأرباب الفصاحة، ورؤساء البيان، والمتقدمين في اللسن بكلام مفهوم المعنى عندهم، فكان عجزهم عن الإتيان بمثله أعجز من عجز شاهد المسيح، وعجز عن إحياء الموتى لأنهم لم يكونوا يطيقون إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، ولا يتعاطون علمه، بخلاف قريش فإنّها كانت تتعاطى الكلام الفصيح، والبلاغة والخطابة فدل [على] أن العجز عن إتيانهم بمثل القرآن، إنما كان معجزة لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وتؤيد صدق رسالته، وصحة نبوته.

وهذا برهان واضح وحجة قاطعة لمن وفقه اللَّه، ومع ذلك ففي القرآن الكريم وجهان آخران في الإعجاز:

أحدهما: ما تضمنه من الإخبار عن المغيبات، كقوله تعالى:

لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ [ (١) ] وقوله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ [ (٢) ] وقوله في الروم:


[ (١) ] الفتح: ٢٨.
[ (٢) ] النور: ٥٥.