للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلاما [ (١) ] فخرج عليه الصلاة والسلام عند ذلك بزوجته سارة، ومعه لوط إلى حران، فأقام بها خمس سنين ثم مضى منها وعمره خمس وسبعون، فهاجر إلى ربه [ (٢) ] .

فلما عبر الفرات من حران، غير اللَّه تعالى لسانه، وتكلم بالعبرانية، وسار حتى نزل أرض القدس، ومعه مواشيه، وزوجته، ولوط، فبنى عند صخرة بيت المقدس مذبحا، يقرب فيه قرابينه للَّه تعالى.

ثم قدم مصر لغلاء نزل [بأرض] القدس، فكان أمر سارة مع الملك ما كان [ (٣) ] وأخذ منها هاجر، ثم خرج [عليه الصلاة والسلام] من مصر، بعد ما أقام بها ثلاثة أشهر، فنزل خارج غزة، وقد كثر ماله، وابتنى بئر سبع، وجعلها سبيلا، وفرق أموالا في وجوه البر، وكان عليه الصلاة والسلام نصيف من كل مزية، وأمر ابن أخيه لوطا أن يتحول عنه، فسار عنه لوط إلى أرض القدس، ونزل سدوم، ونزل إبراهيم عليه الصلاة والسلام حبرون، التي تعرف اليوم ببلد الخليل.

وولد له عليه الصلاة والسلام بعد عشر سنين من سكناه إسماعيل عليه السلام من هاجر، وعمره ست وثمانون سنة، [ثم اختتن وله تسع وتسعين سنة] [ (٤) ] وفي الصحيح أنه اختتن وعمره ثمانون سنة، وولد له إسحاق


[ (١) ] قال العلامة المقريزي: وكان من خبر إبراهيم عليه السّلام مع طوطيس بن ماليا فرعون إبراهيم، أنه عليه الصلاة والسلام قدم إلى مصر بزوجته سارة، فعند ما رآها الحرس الموكلون بأبواب مدينة منف عجبوا من حسنها، فرفعوا خبرها إلى طوطيس، فأمر وزيره فأحضر إبراهيم عليه السّلام وسأله عنها وبعث بها إلى طوطيس، فأكرمها وكف عنها طوطيس، وجفت يده لما مدها إليها حتى دعت اللَّه سبحانه وتعالى فخلصها، وهابها طوطيس بعد ذلك وبعث بها إلى ابنته حوريا فأكرمتها وأعادتها إلى إبراهيم عليه السّلام، ووهبتها هاجر أم إسماعيل. (المقفى الكبير) : ٤/ ٣٦.
[ (٢) ] هكذا ورد في التوراة وهو خلاف لما في الصحيح.
[ (٣) ] (فتح الباري) : ١١/ ١٠٤، كتاب الاستئذان، باب (٥١) ، الختان بعد الكبر ونتف الإبط، حديث رقم (٦٢٩٨) .
[ (٤) ] قال تعالى: إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا مريم: ٤١.