للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأبو فكيهة أفلح، وقيل: يسار كان عبدا لصفوان بن أمية الجمحيّ، فأسلم حين أسلم بلال [ (١) ] ، فمر به أبو بكر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، وقد أخذه أمية بن خلف فربط في رجله حبلا، وأمر به فجر، ثم ألقاه في الرمضاء، ومر به جعل، فقال له أمية: أليس هذا ربك؟ قال: اللَّه ربى خالقي، وخالقك، وخالق هذا الجعل، فغلظ عليه وجعل يخنقه، ومعه أخوه أبى ابن خلف يقول: زده عذابا، حتى يأتيه محمد فيخلصه بسحره، ولم يزل على تلك الحال حتى ظنوا أنه قد مات، ثم أفاق فمر به أبو بكر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، فاشتراه فأعتقه.

وقال ابن عبد البر: كانوا يعذبونه، وإنه إنما كان لهم، فأخرجوه يوما مقيدا، نصف النهار إلى الرمضاء، ووضعوا على صدره صخرة حتى [دلع] لسانه، وقيل: قد مات، ثم أفاق، وقتل يوم بدر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه.

وجارية بنى المؤمل بن حبيب بن تميم بن عبد اللَّه بن قرظ بن رازح ابن عدىّ، ويقال لها لبيبة، أسلمت [ (٢) ] قبل إسلام عمر بن الخطاب، رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه كان عمر يعذبها حتى تفتر، فيدعها ثم يقول: أما أنى أعتذر إليك، ما أدعوك الا مسلمة، فتقول: كذلك يعذبك اللَّه إن لم تسلم.

وذكر الواقدي: أن حسان بن ثابت قال: قدمت مكة معتمرا، والنبي صلّى اللَّه عليه وسلّم يدعو الناس، وأصحابه يؤذون ويعذبون، فوقعت على عمر وهو مؤتزر، يخنق جارية بنى عمرو بن المؤمل حتى تسترخي في يده، فأقول: قد ماتت ثم


[ (١) ] أبو فكيهة أفلح أو يسار، هو أبو فكيهة الجهمى، مولى صفوان بن أمية، وقيل مولى ابن عبد الدار أسلم قديما فربط أمية بن خلف في رجله حبلا فجره حتى ألقاه في الرمضاء وجعل يخنقه، فجاء أخوه أبىّ بن خلف فقال: زده، فلم يزل على ذلك حتى ظن أنه مات، فمر أبو بكر الصديق فاشتراه فأعتقه، واسمه يسار، وقد تقدم في التحتانية، وقيل اسمه أفلح بن يسار، وقال عمر بن شبة كان ينسب للأشعريين (الإصابة) : ٢٣٢- ٣٢٣، ترجمة (١٠٣٩١) .
[ (٢) ] هي زنيرة الروميّة، كانت من السابقات في الإسلام فعذبها المشركون على إسلامها فاحتملت عذابهم بصبر ورباطة جأش ولم تصبأ عن دينها ثم اشتراها أبو بكر الصديق فأعتقها.
(أعلام النساء) : ٢/ ٣٩.