للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتحل نطاقها، فتجعله عصاما [ (١) ] ، ثم علقتها به، وكان يقال لأسماء: ذات [النطاقين] لذلك.

فلما قرب أبو بكر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه الراحلتين إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قدم أفضلهما، ثم قال: اركب، فداك أبى وأمى، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم إني لا أركب بعيرا ليس لي، قال: فهي لك يا رسول اللَّه، بأبي أنت وأمى، قال لا، ولكن بالثمن الّذي ابتعتها به [ (١) ] ؟ قال: كذا وكذا، قال: قد أخذتها به،

قال هي لك يا رسول اللَّه، فركبا وانطلقا، وأردف أبو بكر عامر بن فهيرة مولاه خلفه، ليخدمهما في الطريق، وحمل أبو بكر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه مع نفسه جميع ماله، وهو نحو ستة آلاف درهم.

قال ابن إسحاق: ولما خرج بهما دليلهما عبد اللَّه بن أريقط، سلك بهما أسفل مكة، ثم مضى بهما على الساحل، أسفل من عسفان [ (٢) ] . وذكر المبارك، حتى قال: ثم قدم بهما قبائل بنى عمرو بن عوف، لاثنتي عشر ليلة خلت من شهر ربيع الأول، يوم الاثنين حين اشتد الضحى، وكادت الشمس أن تعتدل.

قال ابن هاشم: ويقال بل نزل على سعد بن خيثمة، ونزل أبو بكر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه على حبيب بن إساف. ويقال: بل كان منزله على خارجة بن زيد.

وأقام على رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه بمكة ثلاث ليال وأيامها، حتى رد عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم الودائع التي كانت عنده للناس، حتى إذا فرغ منها لحق برسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فنزل معه على كلثوم بن هدم، فأقام رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بقباء في بنى عمرو بن عوف يوم الاثنين، ويوم الثلاثاء، ويوم الأربعاء، ويوم الخميس، وأسس مسجده، ثم أخرجه اللَّه بين أظهرهم، يوم الجمعة،


[ (١) ] إنما قال صلّى اللَّه عليه وسلّم ذلك، لتكون هجرته إلى اللَّه بنفسه وماله، رغبة منه صلّى اللَّه عليه وسلّم في استكمال فضل الهجرة والجهاد على أتم أحوالها، وهو قول حسن، عن كثير من أهل العلم.
[ (٢) ] سمى عسفان لتعسف السيول فيه.