للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى أسس مسجده- كما تقدم- ونزل بدار أبى أيوب الأنصاري رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، ثم تحول إلى مساكنه.

قال محمد بن زبالة: ونزل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في سفل بيت أبى أيوب رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، [فكره] أبو أيوب أن [يكون] منزله فوق رأس رسول اللَّه، فلم يزل ساهرا حتى أصبح. فقال يا رسول اللَّه، إني أخشى أن أكون قد ظلمت نفسي، أنى فوق رأس رسول اللَّه، فينزل التراب من وطئ أقدامنا، وإنه أطيب لنفسي أن أكون تحتك، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم:

السفل أرفق بنا وبمن يغشانا،

فلم يزل أبو أيوب يتضرع إليه حتى انتقل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في العلو، فابتاع المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ذلك البيت من أبى أفلح، مولى أبى أيوب بألف دينار، فتصدق به، وقد بنى ولم يغير سقفه.

وقال ابن إسحاق: وتلاحق المهاجرون إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فلم يبق منهم أحد إلا مفتون أو محبوس، قال: فأقام رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بالمدينة، إذ قدمها شهر ربيع الأول، إلى صفر من السنة الداخلة، حتى بنى له فيها مسجده ومساكنه، فاستجمع له إسلام هذا الحي من الأنصار، فلم يبق دار من دور إلا أسلم أهلها، إلا من كان من خطمة، وواقف، ووائل، وأمية، وكذلك أوس اللَّه، وهم حي من الأوس، فإنّهم أقاموا على شركهم.

وكتب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم كتابا بين المهاجرين والأنصار، وادع فيه يهود، وعاهدهم، وأقرهم على دينهم وأموالهم، واشترط عليهم، وشرط لهم، وقد تقدم ذكره [ (١) ] .

قال ابن إسحاق: وآخى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بين أصحابه من المهاجرين والأنصار، ثم ذكرهم.

وقد خرج البخاري حديث الهجرة من طريق يحى بن بكير، قال:

حدثنا الليث عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنها، فذكره في آخر كتاب الكفالة، وترجم عليه باب: جوار


[ (١) ] (سيرة ابن هشام) : ٣/ ١٧- ٣١.