قال الخطّابى: لا أعلم أحدا من المسلمين اختلف في وجوب قتله. وقال محمد بن سحنون: أجمع العلماء على أن شاتم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم والمتنقص له كافر، والوعيد جاء عليه بعذاب اللَّه له، وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك في كفره وعذابه كفر. وتحرير القول فيه: أن السابّ إن كان مسلما فإنه يكفّر ويقتل بغير خلاف، وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم، وقد تقدم من حكى الإجماع على ذلك إسحاق بن راهويه وغيره، وإن كان ذميا فإنه يقتل أيضا في مذهب مالك وأهل المدينة، وسيأتي حكاية ألفاظهم، وهو مذهب أحمد وفقهاء الحديث. وقد نصّ أحمد على ذلك في مواضع متعددة. قال حنبل: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كل من شتم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أو تنقصه مسلما كان أو كافرا فعليه القتل، وأرى أن يقتل ولا يستتاب. قال: وسمعت أبا عبد اللَّه يقول: كل من نقض العهد وأحدث في الإسلام حدثا مثل هذا رأيت عليه القتل، وليس على هذا أعطوا العهد والذمة. وكذلك قال أبو الصفراء: سالت أبا عبد اللَّه عن رجل من أهل الذمة شتم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، ماذا عليه؟ قال: إذا قامت البينة عليه يقتل من شتم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، مسلما كان أو كافرا، رواهما الخلّال. وفي رواية عبد اللَّه وأبى طالب وقد سئل عن شتم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، قال: يقتل، قيل له: فيه أحاديث؟ قال: نعم، أحاديث منها: حديث الأعمى الّذي قتل المراة، قال: سمعتها تشتم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، وحديث حصين أن ابن عمر قال: من شتم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قتل. وكان عمر بن العزيز يقول: يقتل، وذلك أنه من شتم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فهو مرتد عن الإسلام، ولا يشتم مسلم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم. زاد عبد اللَّه: سألت أبى عمن شتم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، يستتاب؟ قال: قد وجب عليه القتل، ولا يستتاب، لأن خالد بن الوليد قتل رجلا شتم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ولم يستتبه، رواهما أبو بكر في (الشافي) . وفي رواية أبى طالب: سئل أحمد عمن شتم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، قال: يقتل، قد نقض العهد وقال جرير: سالت أحمد عن رجل من أهل الذمة شتم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، قال: يقتل إذا شتم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، رواهما الخلال، وقد نصّ على هذا في غير هذه الجوابات، فأقواله كلها نصّ في وجوب