يقول: ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، [ومن ادعى ما ليس له فيهم نسب فليتبوَّأ مقعده من النار] .
وخرجه البخاري [ (١) ] أيضا من حديث عبد الوارث، عن الحسين، عن عبد اللَّه بن بريدة، قال: حدثني يحيى بن يعمر، أن أبا الأسود [الدؤلي] ، حدثه عن أبى ذر، أنه سمع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يقول: لا يرمى رجل رجلا بالفسوق، ولا يرميه بالكفر، إلا ارتدت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك.
قال الشيخ أبو زكريا النووي: هذا الحديث مما عده بعض العلماء من المشكلات، من حيث أن ظاهره غير مراد، وذلك أن مذهب أهل الحق أنه لا يكفر المسلم بالمعاصي كالقتل، والزنا، وكذا قوله لأخيه: كافر من غير اعتقاد بطلان [دين] الإسلام، فإذا عرف ما ذكرناه [فقيل] في تأويل الحديث أوجه:
أحدهما: أنه محمول على المستحل لذلك، وهذا يكفر، فعلى هذا معنى [باء] بها، أي بكلمة الكفر، وكذا، حار عليه، وهو بمعنى رجعت عليه، أي رجع عليه الكفر، فباء، وحار، ورجع بمعنى واحد.
والوجه الثاني: معناه، رجعت عليه نقيصته لأخيه، ومعصية تكفيره.
والوجه الثالث: أنه محمول على الخوارج المكفرين للمؤمنين، وهذا الوجه نقله القاضي عياض، عن الإمام مالك بن أنس، وهو ضعيف، لأن المذهب الصحيح المختار، الّذي قاله الأكثرون، والمحققون، أن الخوارج لا يكفرون كسائر أهل البدع.
والوجه الرابع: معناه أن ذلك يؤول به إلى الكفر، وذلك أن [المعاصي]- كما قالوا- بريد الكفر، ويخاف على المكثر منها أن يكون عاقبة شؤمها، المصير إلى [الكفر] ، ويؤيد هذا الوجه، ما جاء في رواية أبى عوانة الأسفراييني، في كتابه (المخرج على صحيح مسلم) : فإن كان
[ (١) ] (فتح الباري) : ١٠/ ٥٦٩، كتاب الأدب، باب (٤٤) ما ينهى عن السباب واللعن، حديث رقم (٦٠٤٥) .