للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما قال، وإلا فقد باء بالكفر،

وفي رواية: إذا قال لأخيه: يا كافر، وجب الكفر على أحدهما.

والوجه الخامس: معناه، فقد رجع عليه تكفيره، فليس الراجع عليه حقيقة الكفر، بل التكفير، لكونه جعل أخاه المؤمن كافرا، فكأنه كفر نفسه، إما لأنه كفر من هو مثله، وإما لأنه كفر من لا يكفره إلا كافر، يعتقد بطلان دين الإسلام واللَّه أعلم [ (١) ] .

قال الشيخ الإمام أبو الفتح السبكى: كون الخوارج لا يكفرون، لست موافقا عليه، لأن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، صح عنه

في صحيح مسلم [ (٢) ] ، من حديث على رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، قال: سمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يقول: سيخرج في آخر الزمان قوم، أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يقرءون القرآن، لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين، كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا عند اللَّه لمن قتلهم يوم القيامة.

وقد رويت آثارا تدل على أنهم هم الذين قاتلهم عليّ رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، وهم الخوارج، وهم ومن كان مثلهم بهذه المنزلة، يجوز قتلهم بهذا الحديث، وإن ادعى الإسلام، ولا نترك ما عندنا إلا اعتقاده، ولا يلتفت إليه بنص هذا الحديث، فإن هذا نص في القتل، وأما مجرد سب أبى بكر وعمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما، وغيرهما من الصحابة، فلم يجئ قط ما يقتضي قتل قاتله ولا كفره، والحديث الّذي يروى: من سب صحابيا فاجلدوه، إن صح فمعناه صحيح، لان واجبه التعزير، وهو يقتضي أنه لا يقتضي كفرا ولا قتلا، وحديث أبى برزة يدل على أن إغضاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم


[ (١) ] (مسلم بشرح النووي) : ٢/ ٤٠٩، كتاب الإيمان، باب (٢٦) بيان حال من قال لأخيه المسلم:
يا كافر، شرح الحديث رقم (١١١) .
[ (٢) ] (المرجع السابق) : ٨/ ١٧٥، كتاب الزكاة، باب (٤٨) التحريض على قتل الخوارج، حديث رقم (١٠٦٦) .