للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوجب القتل دون غيره من الناس.

قال: وفي الصحيحين [ (١) ] عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: ولعن المؤمن كقتله.

قال الشيخ تقى الدين ابن دقيق العيد [سؤال] . لا يمكن أن يزاد في أحكام الدنيا، لأن اللعن لا يوجب القصاص [في الدنيا] ولا في الآخرة، لأن الإثم يتفاوت. قال المازرنى: يشبهه في الإثم، لأن اللعن قطع الرحمة، والموت قطع التصرف. وقيل: لعنة، تقتضي قصد إخراجه من المسلمين، وقطع منافعه الأخروية عنه، وقيل: استواؤهما في التحريم، فاقتضى كلام ابن دقيق العيد، أن اللعنة تعريض بالدعاء، الّذي قد يقع في ساعة إجابة، إلى البعد من رحمة اللَّه تعالى، وهو أعظم من القتل الّذي هو تفويت الحياة.

قال السبكى الشيخ محيي الدين: أخذ بظاهر المنقول من عدم التكفير، وذلك محمول على ما إذا لم يصدر منهم سبب يكفر، كما إذا لم يحصل إلا مجرد الخروج [والقتال] ، ونحوه، أما مع التكفير لمن تحقق إيمانه، فمن أين ذلك؟.

فإن قلت: قد قال الأصوليون في أصول الدين- ومنهم سيف الدين المزي- جوابا عن قول المكفرين: كيف لا نكفر الشيعة والخوارج بتكفيرهم أعلام الصحابة، رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهم؟ وبتكذيب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في قطعه لهم بالجنة؟ وأجاب: أن ذلك إنما هو إذا كان المكفر يعلم بتزكية من كفره، قطعا على الإطلاق إلى مماته، وليس كذلك، وهذا الجواب يمنع ما قلتم، قلت: هذا الجواب، إنما ننظر فيه إلى أن المكفر لا يلزمه بذلك تكذيب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ولم ينظر إلى ما قلناه من الحكم عليه بالكفر [بالحديث] الّذي ذكرناه، إن لم يكن في باطنه تكذيب، كما قاله إمام الحرمين وغيره في الحكم بالكفر على السجود للصنم والملقى للمصحف في القاذورات، وإن لم يكن في باطنه تكذيب.


[ (١) ] (فتح الباري) : ١٠/ ٥٧٠، كتاب الأدب، باب ما ينهى عن السباب واللعن، حديث رقم (٦٠٤) ، (مسلم بشرح النووي) : ٢/ ٤٧٨ كتاب الإيمان، باب (٤٧) غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه وإن من قتل نفسه بشيء عذب به، حديث رقم (١١٠) .