للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كقوله تعالى: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [ (١) ] ، على أنه يمكن التزامه، وأن المراد إذا لم يترك [الربا] ، ولا أقر به، كفر.

ولا شك أن أبا بكر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، ولى اللَّه، [فإن] مبارزته مبارزة للَّه تعالى ومحاربته محاربة للَّه تعالى،

وقوله صلّى اللَّه عليه وسلّم في الحديث الصحيح: «ولعن المؤمن كقتله»

وأبو بكر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه مؤمن، وفي الحديث الأول كفاية، وهو في (صحيح مسلم) [ (٢) ] .

الدليل الثاني: استحلاله لذلك، ومن استحل ما حرمه اللَّه تعالى، فقد كفر، ولا شك أن لعنه الصديق، رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، وسبه محرم.

قال ابن حزم: واللعن، أشد من السب،

وقد صح عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: سباب المسلم فسوق،

فسب أبى بكر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه فسق، واستحلال الفسق كفر، فإن قلت: إنما يكون استحلال الحرام كفر، إذا كان تحريمه معلوما من الدين بالضرورة، بالنقل المتواتر، من حسن إسلامه، وأفعاله أدلة على إيمانه، وأنه دام على ذلك، إلى أن قبضه اللَّه تعالى، هذا مما لا يشك فيه معلوم من الدين بالضرورة، فيكون مستحله كافرا.

ولا يرد على هذا إلا شيء واحد، وهو أن يكفر مستحل ما علم تحريمه بالضرورة، فذلك كفرت الجهميّ والرافضيّ، لم يكن ذلك العلم الضروريّ بالتحريم، حاصلا عنده، فلم يلزم منه تكذيبه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ولا ينفصل من هذا إلا بأن يقال: إن تواتر ذلك عند عموم الخلق يكفى فلا يعذر الرافضيّ بالشبهة الفاسدة، التي غطت على قلبه، حتى لم يعلم ذلك، وهذا محل نظر وجدل، وان كان القلب يميل إلى بطلان هذا العذر [وهذا هو الدليل الثالث] [ (٣) ] .


[ (١) ] البقرة: ٢٧٩.
[ (٢) ] (مسلم بشرح النووي) : ٢/ ٤٨٠، كتاب الإيمان، باب (٤٧) غلط تحريم قتل إنسان نفسه وإن من قتل نفسه بشيء عذب به في النار الحديث الّذي يلي رقم (١٧٦) بدون رقم.
[ (٣) ] زيادة للبيان.