للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلّى اللَّه عليه وسلّم دخل مكة في عمرة القضاء وعبد اللَّه بن رواحة بين يديه يمشى وهو يقول: -

خلوا بنى الكفار عن سبيله ... اليوم نضربكم على تنزيله

ضربا يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله

فقال له عمر: يا ابن رواحة بين يدي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وفي حرم اللَّه تقول الشعر؟ فقال له النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم: خل عنه يا عمر، فلهى أسرع فيهم من نضح النبل.

قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.

وقد روى عبد الرزاق هذا الحديث أيضا عن معمر عن الزهري عن أنس نحو هذا، وروى في غير هذا الحديث أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم دخل مكة في عمرة القضاء وكعب بن مالك بين يديه، وهذا أصح عند بعض أهل الحديث لأن عبد اللَّه بن رواحة قتل يوم مؤتة، وإنما كانت عمرة القضاء بعد ذلك.

قلت: من قال: أن عمرة القضاء كانت بعد مؤتة، لأنه لم يكن بعد مؤتة الأصح مكة وكانت عمرة الحديبيّة وهي التي صدّ المشركون فيها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عن البيت في ذي القعدة سنة ست وفيها صالح المشركين على أن يرجع إلى المدينة ثم يعتمر من قابل، وكان فتح مكة في رمضان في عمرة القضاء.


[ () ] كتاب المناسك، باب (١٠٩) إنشاد الشعر في الحرم والمشي بين يدي الإمام، حديث رقم (٢٨٧٣) ، وأخرجه النسائي أيضا في باب (١٢١) استقبال الحج، حديث رقم (٢٨٩٣) ، وقوله: «فقال له عمر إلخ» كأنه رأى أن الشعر مكروه فلا ينبغي أن يكون بين يديه صلّى اللَّه عليه وسلّم وفي حرمه تعالى ولم يلتفت إلى تقرير النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم لاحتمال أن يكون قلبه مشتغلا بما منعه عن الالتفات إلى الشعر.
قوله: «أسرع فيهم» أي في التأثير في قلوبهم من نضح النبل، بنون وضاد معجمة، وحاء مهملة، من الرمي بالسهم، أي فيجوز للمصلحة واللَّه تعالى أعلم. (حاشية السندي على سنن النسائي) .