وفي ترجمة أبى بكر من (تاريخ الخلفاء) للسيوطي في فصل أولياته: ومنها أنه أول من اتخذ بيت المال، أخرج ابن سعد عن سهل بن أبى خيثمة وغيره أن أبا بكر كان له بيت مال بالسنح، ليس يحرسة أحد، فقيل له: ألا تجعل عليه من يحرسه؟ قال عليه قفل، فكان يعطى ما فيه حتى يفرغ، فلما انتقل إلى المدينة حوّله فجعله في داره، فقدم عليه مال فكان يقسمه على فقراء الناس فيسوى بين الناس في القسم، وكان يشترى الإبل، والخيل، والسلاح، فيجعله في سبيل اللَّه، واشترى قطائف أتى بها من المدائن ففرقها في أرامل المدينة. فلما توفى أبو بكر ودفن، دعا عمر الأمناء ودخل بهنم في بيت أبى بكر، منهم عبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان، ففتحوا بيت المال فلم يجدوا فيه شيئا، لا دينارا، ولا درهما. وبهذا الأثر يرد قول أبى هلال العسكري في (الأوائل) : إن أول من اتخذ بيت المال عمر، وقد رددت عليه في كتابي الّذي صنفته في (الأوائل) ، ثم رأيت العسكري تنبه له في موضع آخر من كتابه فقال إن أول من ولى بيت المال أبو عبيدة بن الجراح لأبى بكر ويمكن الجمع بأن أبا بكر أول من اتخذ بيت المال من غير إحصاء ولا تدوين، وعمر أول من دون مثلا. وفي (الكامل في التاريخ) لابن الأثير: وفي سنة (١٥) من الهجرة فرض عمر الفروض ودوّن الدواوين، وأعطى العطايا. وفي (الأحكام السلطانية) للماوردى أقوال في السبب الّذي حمل عمر على ذلك، منها: أن أبا هريرة قدم إليه بمال من البحرين فقال عمر: ماذا جئت به؟ قال: خمسمائة ألف درهم، فاستكثره عمر، وقال أتدري ما تقول؟ فقال؟ نعم مائة ألف خمس مرات، فصعد عمر المنبر، وحمد اللَّه وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس قد جاءنا مال كثير، فإن شئتم كلناه لكم كيلا، وإن شئتم عددناه لكم عدا، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين قد رأيت الأعاجم يدونون لهم ديوانا، فدون أنت ديوانا، فاستشار عمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه الناس في تدوين الديوان، فقال عثمان: أرى مالا كثيرا يسع الناس، وإن لم يحصوا، حتى يعلم من أخذ ممن لم يأخذ خشية أن ينتشر الأمر. -