للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولأبى داود من حديث محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر، عن أنس بن مالك رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، وعن عثمان بن أبى سليمان أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة، فأخذ، فأتوه به فحقن له دمه، وصالحة على الجزية [ (١) ] .

ولم يأخذ صلّى اللَّه عليه وسلّم [من] يهود خيبر جزية، فإنه صالحهم على أن مقرهم في الأرض ما شاء اللَّه، ولم تكن الجزية نزلت بعد، ثم أمره تعالى أن يقاتل أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية، فلم يدخل في هذا يهود خيبر، لأن العقد قد تم بينه صلّى اللَّه عليه وسلّم وبينهم على إقرار، ثم أن يكونوا عمالا في الأرض بالشطر، فلم يطالبهم بغير ذلك، وطلب من إخوانهم من أهل الكتاب، ممن لم يكن بينه وبينهم عهد كنصارى نجران ويهود اليمن، وقد ظن بعضهم أن عدم أخذ


[ () ] وقال أحمد على قدر ما يطيقون، قيل: له فيزداد في هذا اليوم وينقص، قال: نعم على قدر طاقتهم وعلى قدر ما يرى الإمام، وقد علق الشافعيّ القول في إلزام الفقير الجزية.
وأخرجه الترمذي في الزكاة حديث (٦٢٣) باب زكاة البقر مطولا، والنسائي في الزكاة حديث (٢٤٥٥) سقوط الزكاة عن الإبل إذا كانت رسلا، وابن ماجة في الزكاة حديث (١٨٠٣) باب صدقة البقر، وقال الترمذي: حديث حسن، وذكر أن بعضهم رواه مرسلا وأن المرسل أصح، وسبق عند أبى داود برقم (١٥٧٦) .
[ (١) ] (سنن أبى داود) : ٤٢٧- ٤٢٨، كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب (٣٠) في أخذ الجزية، حديث رقم (٣٠٣٧) .
قال الخطابي في (معالم السنن) : أكيدر دومة رجل من العرب يقال هو من غسان، ففي هذا من أمره دلالة على جواز أخذ الجزية من العرب كجوازه من العجم، وكان أبو يوسف يذهب إلى أن الجزية لا تؤخذ من عربي، وقال مالك والأوزاعي والشافعيّ، العربيّ والعجمي في ذلك سواء. -
وكان الشافعيّ يقول: إنما الجزية على الأديان لا على الأنساب، ولولا أن نأثم بتمني الباطل وددنا الّذي قال أبو يوسف كما قال وأن لا يجرى على عربي صغار، ولكن اللَّه أجل في أعيننا من أن نحب غير ما قضى به.