للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرجه مسلم من حديث ابن وهب، قال: أخبرنى يونس، عن ابن شهاب، قال: أخبرنى سالم أن أباه قال: قد رأيت الناس في عهد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، إذا ابتاعوا الطعام جزافا يضربون أن يبيعوه في مكانهم، ذلك حتى تؤوي


[ () ] وأما الثاني: فلان الإيواء إلى الرحال خرج مخرج الغالب، وفي بعض طرق مسلم عن ابن عمر: «كنا نبتاع الطعام فيبعث إلينا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من يأمرنا بانتقاله من المكان الّذي ابتعناه فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه،» وفرق مالك في المشهور عنه بين الجزاف والمكيل:
فأجاز بيع الجزاف قبل قبضه وبه قال الأوزاعي وإسحاق، واحتج لهم بأن الجزاف مر بي فتكفى فيه التخلية، والاستيفاء إنما يكون في مكيل أو موزون، وقد روى أحمد من حديث ابن عمر مرفوعا «من اشترى طعاما بكيل أو وزن فلا يبيعه حتى يقبضه» .
ورواه أبو داود والنسائي بلفظ «نهى أن يبيع أحد طعاما اشتراه بكيل حتى يستوفيه» والدار قطنى من حديث جابر «نهى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عن بيع الطعام حتى يجرى فيه الصاعان البائع والمشترى» ونحوه للبزار من حديث أبى هريرة بإسناد حسن، وفي ذلك دلالة على اشتراط القبض في المكيل بالكيل وفي الموزون بالوزن، فمن اشترى شيئا مكايلة أو موازنة فقبضه جزافا فقبضه فاسد، وكذا لو اشترى مكايلة فقبضه موازنة وبالعكس، ومن اشترى مكايلة وقبضه ثم باعه لغيره لم يجز تسليمه بالكيل الأول حتى يكيله على من اشتراه ثانيا، وبذلك كله قال الجمهور، وقال عطاء: يجوز بيعه بالكيل الأول مطلقا، وقيل: إن باعه بنقد جاز بالكيل الأول، وإن باعه بنسيئة لم يجز بالأول والأحاديث المذكورة ترد عليه، وفي الحديث مشروعية تأديب من يتعاطى العقود الفاسدة، وإقامة الإمام على الناس من يراعى أحوالهم في ذلك واللَّه تعالى أعلم.
وفي هذا الحديث جواز بيع الصبرة جزافا سواء علم البائع قدرها أم لم يعلم، وقال ابن قدامة: يجوز بيع الصبرة جزافا لا نعلم فيه خلافا إذا جهل البائع والمشترى قدرها فإن اشتراها جزافا ففي بيعها قبل نقلها روايتان عن أحمد، ونقلها قبضها.