للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرج النسائي [ (١) ] من حديث عبد اللَّه بن المبارك عن حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبى طلحة عن أبى المنذر مولى أبى ذر، عن أبى أمية المخزوميّ قال: أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم أتى بلص اعترف اعترافا ولم يوجد معه متاع، فقال له رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: ما إخالك سرقت؟ قال: بلى، قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: اذهبوا به فاقطعوه ثم جيئوا به، فقطعوه ثم جاءوا به فقال له: قل أستغفر اللَّه وأتوب إليه، فقال: استغفر اللَّه وأتوب إليه، قال: اللَّهمّ تب عليه.

ترجم عليه باب تلقين السارق.

وخرجه أبو داود [ (٢) ] من حديث مصعب بن ثابت بن عبد اللَّه بن الزبير عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللَّه، قال: جيء بسارق إلى رسول


[ (١) ] (سنن النسائي) : ٨/ ٤٣٨، كتاب قطع السارق، باب (٣) تلقين السارق، حديث رقم (٤٨٩٢) ، قال الحافظ السندي: قوله: «ما إخالك» بكسر الهمزة هو الشائع المشهور بين الجمهور، والفتح لغة بعض، وإن كان القياس لكونه صيغة المتكلم من خاله كخاف بمعنى ظن.
قيل: أراد صلى اللَّه عليه وسلّم تلقين الرجوع من الاعتراف، وللإمام ذلك في السارق إذا اعترف، ومن لا يقول به لعله ظن بالمعترف غفلة عن معنى السرقة وأحكامها، أو لأنه استبعد اعترافه بذلك، لأنه ما وجد معه متاع. (حاشية السندي على سنن النسائي) .
[ (٢) ]
(سنن أبى داود) : ٤/ ٥٦٥- ٥٦٧، كتاب الحدود باب (٢٠) في السارق يسرق مرارا حديث رقم (٤٤١٠) ، قال الخطابي: هذا في بعض إسناده مقال: وقد عارض الحديث الصحيح الّذي بإسناده، وهو أن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم قال: ولا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، وزنى بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس،
والسارق ليس بواحد من الثلاثة فالوقوف عن دمه واجب.
ولا يعلم أحدا من الفقهاء يبيح دم السارق- وإن تكررت منه السرقة مرة بعد أخرى- إلا أنه قد يخرج على مذاهب بعض الفقهاء أن يباح دمه، وهو أن يكون هذا من المفسدين في الأرض، في أن للإمام أن يجتهد في تعزير المفسدين، ويبلغ به ما رأى من العقوبة، وإن زاد على مقدار الحد وجوازه وإن رأى القتل قتل ويعزى هذا الرأى إلى الإمام مالك بن أنس.
وهذا الحديث- إن كان له أصل- فهو يؤيد هذا الرأى.