للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما بركت [ (١) ] ورسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم عليها لم ينزل وثبت، فسارت غير بعيد ورسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم، واضع لها زمامها لا يثنيها به ثم التفتت إلى خلفها، فرجعت إلى مبركها أول مرة فبركت فيه، ثم تحلحلت وزمت، وألقت بجرانها فنزل نها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم فاحتمل أبو أيوب خالد بن زيد رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه رحله فوضعه في بيته، فنزل عليه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم [ (٢) ] .

وسأل عن المربد، لمن هو؟ فقال له معاذ ابن عفراء: هو يا رسول اللَّه لسهل وسهيل ابني عمرو، وهما يتيمان لي، وسأرضيهما منه، فاتخذه مسجدا، فأمر به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم أن يبنى [ (٣) ] .

ونزل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم على أبى أيوب حتى بنى مسجده ومساكنه، فعمل فيه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم ليرغب المسلمين في العمل فيه، فيعمل فيه المهاجرون والأنصار، ودأبوا فيه. فقال قائل من المسلمين:

لئن قعدنا والنبي يعمل ... لذاك منا العمل المضلل

وارتجز المسلمون وهم بينونة، يقولون:

لا عيش إلا عيش الآخرة ... اللَّهمّ ارحم الأنصار والمهاجرة

فدخل عمار بن ياسر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه وقد أثقلوه باللبن، فقال: يا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم! قتلوني، يحملون عليّ ما لا يحملون، قالت أم سلمة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنها: فرأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم ينفض وفرته بيده، وكان رجلا جعدا وهو يقول: ويح ابن سمية! ليسوا بالذين يقتلونك، إنما تقتلك الفئة الباغية [ (٤) ] .

وارتجز عليّ بن أبى طالب رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه يومئذ:


[ (١) ] (المرجع السابق) : ٣/ ٢٣- ٢٤.
[ (٢) ] (سيرة ابن هشام) : ٣/ ٢٣-، مبرك الناقة.
[ (٣) ] (المرجع السابق) : ٣/ ٢٤، بناء مسجد المدينة.
[ (٤) ] قال ابن هشام: هذا كلام وليس برجز،
وقال ابن إسحاق: فيقول رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: لا عيش إلا عيش الآخرة، اللَّهمّ ارحم الأنصار والمهاجرة، (المرجع السابق) ٣/ ٢٥.