للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ] المنبر غلام لامرأة من الأنصار من بنى سلمة- أو من بنى ساعدة أو امرأة لرجل منهم- يقال له ميناء» .
وهذا يحتمل أن يعود الضمير فيه على الأقرب، فيكون ميناء اسم زوج المرأة، وهو بخلاف ما حكيناه في «باب الصلاة على المنبر والسطوح» ، عن ابن التين، أن المنبر عمله غلام سعد بن عبادة، وجوزنا أن تكون المرأة زوج سعد وليس في جميع هذه الروايات التي سمى فيها البخاري شيء قوى السند إلا حديث ابن عمر، وليس فيه لتصريح بأن الّذي اتخذ المنبر تميم الداريّ، وقد تبين من رواية ابن سعد أن تميما لم يعلمه.
وأشبه الأقوال بالصواب قول من قال: هو ميمون، لكون الإسناد من طريق سهل بن سعد أيضا، وأما الأقوال الأخرى فلا اعتداد بها لوهائها. ويبعد جدا أن يجمع بينها بأن النجار كانت له أسماء متعددة. وأما احتمال كون الجميع اشتركوا في عمله، فيمنع منه قوله في كثير من الروايات السابقة: ولم يكن بالمدينة إلا نجار واحد «إلا ان كان يحمل على أن المراد بالواحد الماهر في صناعته، والبقية أعوانه. واللَّه تعالى أعلم.
ووقع عند الترمذي وابن خزيمة وصححاه من طريق عكرمة بن عمار عن إسحاق بن أبى طلحة، عن أنس: «كان النبي صلى اللَّه عليه وسلّم يقوم يوم الجمعة فيسند ظهره إلى جذع منصوب في المسجد يخطب، فجاء إليه رومي فقال: ألا أصنع لك منبرا؟ «الحديث. ولم يسمه فيحتمل أن يكون المراد بالرومي تميم الداريّ لأنه كان كثير السفر إلى أرض الروم.
وقد عرف مما تقدم سبب عمل المنبر، وجزم ابن سعد بأن ذلك كان في السنة السابعة، وفيه نظر لذكر العباس وتميم فيه وكان قدوم العباس بعد الفتح في آخر سنة ثمان، وقدوم تميم سنة تسع.
وجزم ابن النجار بأن عمله كان في سنة ثمان، وفيه نظر أيضا لما ورد في حديث الإفك في الصحيحين عن عائشة قالت: «فثار الحيان الأوس والخزرج حتى كادوا أن يقتتلوا ورسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم على المنبر، فنزل فخفضهم حتى سكتوا «فإن حمل على التجوز في ذكر المنبر وإلا فهو أصح مما مضى.
وحكى بعض أهل السير أنه صلى اللَّه عليه وسلّم كان يخطب على منبر من طين قيل أن يتخذ المنبر الّذي من خشب، ويعكر عليه أن في الأحاديث الصحيحة أنه كان يستند إلى الجذع إذا خطب، ولم يزل المنبر على حاله ثلاث درجات حتى زاده مروان في خلافة معاوية ست درجات من أسفله