قوله: (ثم عاد) زاد مسلم من رواية عبد العزيز حتى فرغ من صلاته. قوله: (ولتعلموا) بكسر اللام وفتح المثناة وتشديد اللام أي لتتعلموا، وعرف منه أن الحكمة في صلاته في أعلى المنبر ليراه من قد يخفى عليه رؤيته إذا صلى على الأرض ويستفاد منه أن من فعل شيئا يخالف العادة أن يبين حكمته لأصحابه. وفيه مشروعية الخطبة على المنبر لكل خطيب خليفة كان أو غيره. وفيه جواز قصد تعليم المأمومين أفعال الصلاة بالفعل، وجواز العمل اليسير في الصلاة، وكذا الكثير إن تفرق، وقد تقدم البحث فيه وكذا في جواز ارتفاع الإمام في «باب الصلاة في السطوح» وفيه استحباب اتخاذ المنبر لكونه أبلغ في مشاهدة الخطيب والسماع منه، واستحباب الافتتاح بالصلاة في كل شيء جديد إما شكرا وإما تبركا. وقال ابن بطال: إن كان الخطيب هو الخليفة فسنته أن يخطب على المنبر، وإن كان غيره يخير بين أن يقوم على المنبر أو على الأرض. وتعقبه الزين بن المنير بأن هذا خارج عن مقصود الترجمة ولأنه إخبار عن شيء أحدثه بعض الخلفاء، فإن كان من الخلفاء الراشدين فهو سنة متبعة، وإن كان من غيرهم فهو بالبدعة أشبه منه بالسنة. قلت: ولعل هذا هو حكمة هذه الترجمة، أشار بها إلى أن هذا التفصيل غير مستحب، ولعل مراد من استحبه أن الأصل أن لا يرتفع الإمام عن المأمومين. ولا يلزم من مشروعية ذلك للنّبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم ثم لمن ولى الخلافة أن يشرع لمن جاء بعدهم، وحجة الجمهور وجود الاشتراك في وعظ السامعين وتعليمهم بعض أمور الدين. واللَّه الموفق. (فتح الباري) : ٢/ ٥٠٤- ٥٠٨، باب (٢٦) الخطبة على المنبر، حديث رقم (٩١٧) ، باختلاف يسير في اللفظ. [ (٢) ] (سنن أبى داود) : ١/ ٦٥١- ٦٥٢، كتاب الصلاة، باب (٢٢١) في اتخاذ المنبر، حديث رقم (١٠٨٠) . قال الخطابي في (معالم السنن) : الغابة: موضع قريب من المدينة من عواليها من ناحية الشام. والطرفاء: شجر من شجر البادية واحدها طرفة بفتح الطاء مثل قصبة وقصباء. قلت: الغابة الفيضة وجمعها غابات وغاب. ومنه قولهم ليث غاب قال الشاعر: