للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وألفاظهم في هذا الحديث قريبة جدا، ولم يذكر مسلم له لفظا، بل أحاله على حديث عبد العزيز بن أبى حازم، عن ابنه، قال: إن نفرا جاءوا إلى سهل ابن سعد رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، قد تماروا في المنبر، من أي عود هو؟ فقال: أما واللَّه إني لأعرف ما عوده، ومن عمله. ورأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم أول يوم جلس عليه.

قال: فقيل له: يا أبا عباس! فحدثنا. قال: أرسل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم إلى امرأة- قال أبو حازم: إنه ليسميها يومئذ- انظري غلامك النجار يعمل لي أعوادا أكلم الناس عليها، فعمل هذه الثلاث درجات، ثم أمر بها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم فوضعت بهذا الموضع، فهي من طرفاء الغابة، وقد رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم قام فكبر، وكبر الناس، ورآه وهو على المنبر، ثم رجع فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر، ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته، ثم أقبل على الناس فقال:

يا أيها الناس، إنما صنعت هذا المنبر لتأتموا بى، ولتصلوا بصلاتي.

وذكره البخاري في كتاب البيوع [ (١) ] ، من حديث قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز بن أبى حازم، عن أبى حازم بنحو أو قريب مما تقدم.


[ () ]
وكنا كالحريق أصاب غابا ... فتخبو ساعة وتهب ساعا.
وفيه من الفقه: جواز أن يكون مقام الإمام أرفع من مقام المأموم إذا كان ذلك لأمر يعلمه الناس ليقتدوا به، وفيه أن العمل اليسير لا يقطع الصلاة وإنما نزل القهقرى لئلا يولى الكعبة قفاه.
فإما إذا قرأ الإمام السجدة وهو يخطب يوم الجمعة فإنه إذا أراد النزول لم يقهقر ونزل مقبلا على الناس بوجهه حتى يسجد وقد فعله عمر بن الخطاب.
وعند الشافعيّ أنه إن أحب أن يفعله فعل. فإن لم يفعله أجزأه، وقال أصحاب الرأى:
ينزل ويسجد، وقال مالك: لا ينزل ولا يسجد ويمضى في خطبته.
[ (٣) ] (النسائي) : ٢/ ٣٩٠- ٣٩١، كتاب المساجد، باب (٤٥) الصلاة على المنبر، حديث رقم (٧٣٨) .
[ (١) ] (فتح الباري) : ٤/ ٤٠٠، كتاب البيوع، باب (٣٢) النجار حديث رقم (٢٠٩٤) .