للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ] قال الإمام الخطابي في (معالم السنن) : قلت روى هذا الحديث والقصة بأسانيد مختلفة وهذا الإسناد أصحها.
وفيه أنه ثنى الأذان وأفرد الإقامة، وهو مذهب أكثر علماء الأمصار، وجرى به العمل في الحرمين والحجاز وبلاد الشام واليمن وديار مصر ونواحي المغرب إلى أقصى حجر من بلاد الإسلام.
وهو قول الحسن البصري ومكحول والزهري ومالك والأوزاعي والشافعيّ وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وغيرهم.
وكذلك حكاه سعد القرظ وقد كان أذن لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم في حياته بقباء، ثم استخلفه بلال بن رباح زمان عمر رضى اللَّه عنه، فكان يفرد الاقامة ولم يزل ولد أبى محذورة وهم الذين يلون الأذان بمكة يفردون الاقامة ويحكون عن جدهم، إلا أنه قد روى في قصة أبى محذورة الّذي علمه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم منصرفه من حنين أن الأذان تسع عشرة كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة، وقد رواه أبو داود في هذا الباب، إلا أنه قد روى من غير هذا الطريق أنه أفرد الإقامة، غير أن التثنية عنه أشهر، إلا أن فيه إثبات الترجيع فيشبه أن يكون العمل من أبى محذورة ومن ولده بعده إنما استمر على إفراد الإقامة إما لأن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم أمره بذلك بعد الأمر الأول بالتثنية وإما لأنه استمر قد بلغه أنه أمر بلالا بافراد الاقامة فاتبعه وكان أمر الأذان ينقل من حال إلى حال ويدخله الزيادة والنقصان وليس كل أمور الشرع ينقلها رجل واحد ولا كان وقع بيانها كلها ضربة واحدة.
وقيل لأحمد: وكان يأخذ في هذا بأذان بلال أليس أذان أبى محذورة بعد أذان بلال؟ فإنما يؤخذ بالأحدث فالأحدث من أمر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم فقال: أليس لما عاد إلى المدينة أقر بلالا على أذانه.
وكان سفيان الثوري وأصحاب الرأى يرون الأذان والإقامة مثنى مثنى على حديث عبد اللَّه بن زيد من الوجه الّذي روى فيه تثنية الإقامة.
وقوله: طاف بى رجل: يريد الطيف وهو الخيال الّذي يلم بالنائم. يقال منه طاف يطيف، ومن الطواف يطوف، ومن الإحاطة بالشيء أطاف يطيف.
وفي قوله: «ألقها على بلال فأنه أندى صوتا منك» دليل على أن من كان ارفع صوتا كان أولى بالأذان. لأن الأذان إعلام فكل من كان الإعلام بصوته أوقع كان به أحق وأجدر.