وإنما كان يقع هذا منه صلى اللَّه عليه وسلّم النادر والشاذ من الأزمان، ولم يكن صلى اللَّه عليه وسلّم فاحشا، ولا متفحشا، ولا لعانا، ولا منتقما لنفسه، وقد سبق أنهم قالوا: ادع على دوس، فقال صلى اللَّه عليه وسلّم: اللَّهمّ أهدد دوسا، وقال: اغفر لقومي فإنّهم لا يعلمون. واللَّه تعالى أعلم. (شرح النووي) . [ (١) ] (مسلم بشرح النووي) : ١٦/ ٣٩٢- ٣٩٣، كتاب البر والصلة والآداب، باب (٢٥) من لعنه النبي صلى اللَّه عليه وسلّم أو سبه، أو دعا عليه، وليس هو أهلا لذلك، كان له زكاة وأجرا ورحمة، حديث رقم (٢٦٠٤) ولفظه: عن ابن عباس قال: كنت ألعب مع الصبيان، فجاء رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم، فتواريت خلف باب، قال: فجاء فحطأني حطأة، وقال: اذهب وادع لي معاوية، قال: فجئت فقلت: هو يأكل، قال: ثم قال لي: اذهب فادع لي معاوية، قال: فجئت فقلت: هو يأكل، فقال: لا أشبع اللَّه بطنه. قال ابن المثنى: قلت لأمية: ما حطأني؟ قال: قفدنى قفدة. الحطء: بفتح الحاء، وإسكان الطاء بعدها همزة، هو الضرب باليد مبسوطة بين الكتفين. وإنما فعل هذا بابن عباس ملاطفة وتأنيسا، وأما دعاؤه على معاوية أن لا يشبع حين تأخر، ففيه الجوابان السابقان: أحدهما: أنه على اللسان بلا قصد، والثاني: أنه عقوبة له لتأخره. وقد فهم مسلم رحمه اللَّه من هذا الحديث أن معاوية لم يكن مستحقا للدعاء عليه فلهذا أدخله في هذا الباب، وجعله غيره من مناقب معاوية، لأنه في الحقيقة يصير دعاء له. وفي هذا الحديث جواز ترك الصبيان يلعبون بما ليس بحرام، وفيه جواز إرسال صبي غيره ممن يدل عليه في مثل هذا، ولا يقال: هذا تصرف في منفعة الصبى، لأن هذا قدر يسير، ورد الشرع بالمسامحة به للحاجة، واطرد به العرف، وعمل المسلمين. واللَّه تعالى أعلم. [ (٢) ] (إمتاع الأسماع) : بتحقيقنا: ٢/ ٢٥٠.