للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتعالى عنه قال: جاء زيد بن حارثة يشكو، فجعل النبي صلى اللَّه عليه وسلّم يقول: اتّق اللَّه وأمسك عليك زوجك.

قال أنس: لو كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم كاتما شيئا لكتم هذه، قال: فكانت زينب تفخر على أزواج النبي صلى اللَّه عليه وسلّم، تقول: زوجكم أهاليكن وزوجي اللَّه تعالى من فوق سبع سماوات، وعن ثابت وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ نزلت في شأن زينب وزيد بن حارثة.


[ () ] قوله: (من فوق سبع سماوات) في رواية عيسى بن طهمان عن أنس المذكورة عقب هذا «وكانت تقول إن اللَّه عز وجل أنكحنى في السماء» وسنده هذه أخر الثلاثيات التي ذكرت في البخاري، وتقدم لعيسى بن طهمان حديث آخر تكلم فيه ابن حبان بكلام لم يقبلوه منه، وقوله فيه هذه الرواية «وأطعم عليها يومئذ خبزا ولحما» يعنى في وليمتها، وقد تقدم بيانه واضحا في تفسير سورة الأحزاب.
قال الكرماني قوله: «في السماء» ظاهره غير مراد، إذ اللَّه منزه عن الحلول في المكان، لكن لما كانت جهة العلو أشرف من غيرها أضافها إليه إشارة إلى علو الذات والصفات، وبنحو هذا أجاب غيره عن الألفاظ الدارجة من الفوقية ونحوها، قال الراغب: «فوق» يستعمل في المكان والزمان والجسم والعدد والمنزلة والقهر.
فالأول: باعتبار العلو ويقابله تحت نحو قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ.
والثاني: باعتبار الصعود والانحدار، نحو إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ.
والثالث: في العدد نحو فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ.
والرابع: في الكبر والصغر، كقوله بَعُوضَةً فَما فَوْقَها.
والخامس: يقع تارة باعتبار الفضيلة الدنيوية، نحو وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ، أو الأخروية نحو وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ.
والسادس: نحو قوله وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ، يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ انتهى ملخصا.