فجاء زيد إلى منزله: فأخبرته امرأته أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم أتى منزله، فقال زيد: ألا قلت له يدخل؟ قالت: قد عرضت قولك عليه وأبى. قال:
فسمعتيه يقول شيئا؟ قالت سمعته حين ولى يكلم بكلام لا أفهمه، وسمعته يقول: سبحان اللَّه العظيم، سبحان مصرف القلوب.
قال: فخرج زيد حتى أتى رسول اللَّه فقال: يا رسول اللَّه، بلغني أنك جئت منزلي، فهلا دخلت؟ بأبي أنت وأمى يا رسول اللَّه، لعل زينب أعجبتك! أفأفارقها؟ فيقول رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: أمسك عليك زوجك، فما استطاع زيد إليها سبيلا بعد ذلك، ويأتى رسول اللَّه فيخبره، فيقول: أمسك عليك زوجك، فيقول: يا رسول اللَّه! أفأفارقها؟ فيقول رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم: احبس عليك زوجك.
ففارقها زيد، واعتزلها، وحلت. قالت: فبينما رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم جالس يتحدث مع عائشة، إذ أخذت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم غمية، ثم سرى عنه، وهو يتبسم وهو يقول: من يذهب إلى زينب يبشرها أن اللَّه عز وجل زوجنيها من السماء، وتلا: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ القصة كلها.
قالت عائشة: فأخذت ما قرب وما بعد، لما كان بلغني من جمالها، وأخرى هي أعظم الأمور وأشرفها، ما صنع اللَّه لها، وزوجها اللَّه عز وجل من السماء، وقالت عائشة: هي تفخر علينا بهذا.
قالت عائشة: فخرجت سلمى خادم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم تشتد، فحدثتها بذلك، فأعطتها أوضاحا لها.
وذكر أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في (تفسيره) ، عن ابن وهب قال: قال ابن زيد: كان النبي صلى اللَّه عليه وسلّم قد زوج زينب ابنة جحش ابنة عمته، زيد بن حارثة، فخرج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم يوما يريده، وعلى الباب ستر من شعر، فرفعت الريح الستر، فانكشف وهي في حجرتها حاسرة، فوقع إعجابها في قلبه، فلما وقع ذلك كرهت إلى الآخر.
قال: فجاء فقال: يا رسول اللَّه! إني أريد أن أفارق صاحبتي، قال:
مالك؟ أرابك منها شيء؟ قال: لا واللَّه يا رسول اللَّه. ما رابني منها شيء، ولا رأيت إلا خيرا.