للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خرج عبد الرزاق عن معمر، عن قتادة، في قوله: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ، قال: أنعم اللَّه عليه بالإسلام، وأنعم النبي صلى اللَّه عليه وسلّم بالعتق، أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ،

قال قتادة: جاء زيد بن حارثة للنّبيّ صلى اللَّه عليه وسلّم فقال: إن زينب اشتد عليّ لسانها، وأنا أريد أن أطلقها، فقال له النبي صلى اللَّه عليه وسلّم: اتّق اللَّه وأمسك عليك زوجك،

قال: والنبي صلى اللَّه عليه وسلّم يحب أن يطلقها، ويخشى قالة الناس: أن أمره بطلاقها. فأنزل اللَّه تعالى: اتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً.

قال قتادة: طلقها زيد زَوَّجْناكَها.

قال معمر: وأخبرنى من سمع الحسن يقول: ما نزلت على النبي صلى اللَّه عليه وسلّم آية أشد منها، قوله: وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ، لو كان كاتما شيئا من الوحي كتمها.

قال: وكانت زينب تفخر على أزواج النبي صلى اللَّه عليه وسلّم فتقول: أما أنتن فزوجكن آباؤكن، وأما أنا فزوجني رب العرش [ (١) ] .

وذكر الحاكم في (مستدركه) ، عن محمد بن عمر الواقدي قال:

حدثني عمر بن عثمان الحجى، عن أبيه قال: قدم النبي صلى اللَّه عليه وسلّم المدينة، وكانت زينب بنت جحش ممن هاجر مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم- وكانت امرأة جميلة، فخطبها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم على زيد بن حارثة، فقالت: يا رسول اللَّه لا أرضاه لنفسي، وأنا أيم قريش، قال: فإنّي قد رضيته لك، فتزوجها زيد بن حارثة.

قال الواقدي: فحدثني عبد اللَّه بن عامر الأسلمي، عن محمد بن يحى قال: جاء رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم بيت زيد بن حارثة يطلبه، وكان زيد إنما يقال له:

زيد بن محمد، فربما فقده رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم الساعة فيقول: أين زيد. فجاء منزله يطلبه فلم يجده فتقوم إليه زينب فقول له: هنا يا رسول اللَّه.

فولى يهمهم بشيء لا يكاد يفهم عنه، إلا سبحان اللَّه العظيم، سبحان مصرف القلوب.


[ (١) ] (المستدرك) : ٢/ ٤٥٢، كتاب التفسير، حديث رقم (٣٥٦٣) وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : على شرط البخاري ومسلم.