للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرجه الترمذي [ (١) ] من حديث سفيان عن معمر، عن قتادة، عن أنس رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم بمثله، وقال: حديث أنس حديث


[ () ] فقال: هذا أذكى وأطيب وأطهر.
قال أبو داود والحديث الأول أصح. قلت: وعلى تقدير صحته يكون هذا في وقت وذاك في وقت واللَّه أعلم.
واختلف العلماء في حكمة هذا الوضوء فقال أصحابنا لأنه يخفف الحدث فإنه يرفع الحديث عن أعضاء الوضوء. وقال أبو عبد اللَّه المازري رضى اللَّه عنه اختلف في تعليله فقيل:
ليبيت على إحدى الطهارتين خشية أن يموت في منامه وقيل: بل لعله أن ينشط إلى الغسل إذا نال الماء أعضاءه. قال المازري: ويجرى هذا الخلاف في وضوء الحائض قبل أن تنام فمن علل بالمبيت على طهارة استحبه لها. هذا كلام المازري.
وأما أصحابنا فإنّهم متفقون على أنه لا يستحب الوضوء للحائض والنفساء لأن الوضوء لا يأثر في حدثهم فإن كانت الحائض قد انقطعت حيضتها صارت كالجنب واللَّه أعلم.
وأما طواف النبي صلى اللَّه عليه وسلّم على نسائه فهو محمول على أنه كان برضاهن أو برضى صاحبة النوبة إن كانت نوبة واحدة فهذا التأويل يحتاج إليه من يقول كان القسم واجبا على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم في الدوام كما يجب علينا.
وأما من لا يوجبه فلا يحتاج إلى تأويل فإن له أن يفعل ما يشاء وهذا الخلاف في وجوب القسم هو وجهان لأصحابنا واللَّه أعلم.
وفي هذه الأحاديث المذكورة في الباب أن غسل الجنابة ليس على الفور وإنما يتضيق على الإنسان عند القيام إلى الصلاة وهذا بإجماع المسلمين وقد اختلف أصحابنا في الموجب لغسل الجنابة، هل هو حصول الجنابة بالتقاء الختانين أو إنزال المنى أم هو القيام إلى الصلاة أم هو حصول الجنابة مع القيام إلى الصلاة؟ في ثلاثة أوجه لأصحابنا ومن قال: يجب بالجنابة قال:
هو وجوب موسع، وكذا اختلفوا في موجب الوضوء هل هو الحدث أم القيام إلى الصلاة أم المجموع؟ وكذا اختلفوا في الموجب لغسل الحيض هل هو خروج الدم أم انقطاعه؟ واللَّه أعلم.
[ (١) ] (سنن الترمذي) : ١/ ٢٥٩، أبواب الطهارة، باب (١٠٦) ما جاء في الرجل يطوف على نسائه بغسل واحد، حديث رقم (١٤٠) ، قال أبو عيسى: حديث أنس حديث حسن صحيح، ثم قال في هامشه: الحديث نسبه المجد بن تيمية في المنتقى للجماعة إلا البخاري، وتعقبه الشوكانى في (نيل الأوطار) ، فقال: الحديث أخرجه البخاري أيضا من حديث قتادة عن