للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم يقول خير نسائها مريم ابنة عمران، وخير نسائها خديجة وذكره في كتاب الأنبياء أيضا [ (١) ] .


[ () ] مبعث لي الصواب بعشر سنين لا جرم كانت أفضل نسائه على الراجح. وروى الفاكهي في (كتاب مكة) عن أنس: أن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم كان عند أبى طالب، فاستأذنه أن يتوجه إلى خديجة فأذن له، وبعث بعده جارية له يقال لها نبعة فقال لها: انظري ما تقول له خديجة؟ قالت نبعة:
فرأيت عجبا، وما هو إلا سمعت به خديجة فخرجت إلى الباب فأخذت بيدها فضمتها إلى صدرها ونحرها ثم قالت: بأبي وأمى، واللَّه ما أفعل هذا لشيء، ولكنى أرجو أن تكون أنت النبي الّذي ستبعث، فإن تكن هو فاعرف حقي ومنزلتي وادع الإله الّذي يبعثك لي. قالت لها:
واللَّه لئن كنت أنا هو قد اصطنعت عندي ما لا أضيعه أبدا، وإن يكن غيري فإن الإله الّذي تصنعين هذا لأجله لا يضيعك أبدا.
[ (١) ] (المرجع السابق) : ٦/ ٥٨٢، كتاب أحاديث الأنبياء، باب (٤٥) وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ* يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ* ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ. [آل عمران: ٤٢- ٤٤] ، يقال (يكفل) :
بضم. كفلها: ضمها، مخففة، ليس من كفالة الديون وشيبها، حديث رقم (٣٤٣٢) .
قوله: (خير نسائها مريم) :
أي نساء أهل الدنيا في زمانها وليس المراد أن مريم خير نسائها لأنه يصير كقولهم زيد أفضل إخوانه، وقد صرحوا بمنعه، فهو كما لو قيل فلان أفضل الدنيا. وقد رواه النسائي من حديث ابن عباس بلفظ «أفضل نساء أهل الجنة» فعلى هذا فالمعنى خير نساء أهل الجنة مريم، وفي رواية «خير نساء العالمين» وهو كقوله تعالى: وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ وظاهره أن مريم أفضل من جميع النساء وهذا لا يمنع عند من يقول إنها نبيه.
وأما من قال ليست بنبية فيحمله على عالمي زمانها، وبالأول جوم الزجاج وجماعة واختاره القرطبي، ويحتمل أيضا أن يراد نساء بنى إسرائيل أو نساء تلك الأمة أو فيه مضمرة والمعنى أنها من جملة النساء الفاضلات، ويدفع ذلك حديث أبى موسى المتقدم بصبغة الحصر أنه يكمل من النساء غيرها وغير آسية.