قال الطبري: وإذا كان قبره في بيته فاتفقنا معا في الروايات ولم يكن فيها خلاف لأن قبره في حجرته وهو بيته.
قال: وقوله: ومنبري على حوضي يحتمل أنه منبره بعينه الّذي كان في المدينة وهو أظهر. والثاني أن يكون هناك له منبر والثالث أن قصه منبره والحوض عنده لملازمة الأعمال لصالحه يورد الحوض ويوجب الشرب منه.
قال القاضي: وقوله: روضة من رياض الجنة يحتمل معنيين أحدهما أنه موجب لذلك وأن الدعاء والصلاة فيه يستحق ذلك من الثواب كما قيل الجنة تحت ظلال السيوف.
والثاني أن تلك البقعة قد ينقلها اللَّه فتكون في الجنة بعينها قاله الداوديّ.
قال ابن حزم: وأرادوا أن يثبتوا من هذا أن مكة من الدنيا كموضع قاب قوسين من تلك الروضة وتلك الروضة خير من مكة وليس هذا كما ظنوه ولو كان ذلك لكانت مصر والكوفة خير من مكة والمدينة.
روينا عن مسلم حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن نمير حدثنا محمد بن أنبأنا عبيد اللَّه هو ابن عمرو عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبى هريرة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم سيحان وحيجان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة
وهذا ما لا يقوله مسلم: أن هذه البلاد من أجل ما فيها من أنهار الجنة خير من المدينة ومكة.
قال: وهذا أن الحديثين ليسا على ما يظنه أهل الجهل من أن تلك الروضة قطعه منقطعة من الجنة أو أن هذه الأنهار مهبطه من الجنة لأن اللَّه تعالى يقول: في الجنة: إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى فهذه صفة الجنة وليست هذه الأنهار ولا تلك الروضة بهذه الصفة فصح كون تلك الروضة من الجنة إنما هو لفضلها وأن الصلاة فيها تؤدى إلى الجنة وأن تلك الأنهار لبركتها أضيفت إلى الجنة كما تقول: في اليوم الطيب هذا يوم من أيام الجنة، وكما قيل في العنان: إنها من دواب الجنة وكما
قال صلى اللَّه عليه وسلّم: الجنة تحت ظلال السيوف
وهذا في أرض الكفر بلا شك وليس في هذا فضل لها على مكة.