وقوله: اللَّهمّ صل على محمد وعلى آل محمد احتج به من أجاز الصلاة على غير الأنبياء وهذا مما اختلف العلماء فيه، فقال مالك والشافعيّ رحمهما اللَّه تعالى والأكثرون: لا يصلي على غير الأنبياء استقلالا فلا يقال: اللَّهمّ صل على أبي بكر أو عمر أو علي أو غيرهم ولكن يصلي عليهم تبعا فيقال: اللَّهمّ صل على محمد وآل محمد وأصحابه وأزواجه وذريته، كما جاءت به الأحاديث، وقال أحمد وجماعة: يصلي على كل واحد من المؤمنين مستقلا، واحتجوا بأحاديث الباب وبقوله صلّى اللَّه عليه وسلّم: اللَّهمّ صل على آل أبي أوفى، وكان إذا أتاه قوم بصدقتهم صلى عليهم، قالوا: وهو موافق لقول اللَّه تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ واحتج الأكثرون بأن هذا النوع مأخوذ من التوقيف واستعمال السلف ولم ينقل استعمالهم ذلك بل خصوا به الأنبياء كما خصوا اللَّه تعالى بالتقديس والتسبيح فيقال: قال اللَّه سبحانه وتعالى، وقال عز وجل، وقد جلت عظمته، وتقدست أسماؤه، وتبارك وتعالى، ونحو ذلك ولا يقال قال النبي: عز وجل وإن كان عزيزا جليلا ولا نحو ذلك. وأجابوا عن قول اللَّه عز وجل هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ ومن الأحاديث بأن ما كان من اللَّه عز وجل ورسوله فهو دعاء وترحم وليس فيه معنى التعظيم والتوقير الّذي يكون من غيرهما. وأما الصلاة على الآل والأزواج والذرية فإنما جاء على التبع لا على الاستقلال وقد بينا أنه يقال تبعا لأن التابع يحتمل فيه ما لا يحتمل استقلالا واختلف أصحابنا في الصلاة على غير الأنبياء، هل يقال هو مكروه أو هو مجرد ترك أدب؟ والصحيح المشهور أنه مكروه كراهة تنزيه، قال الشيخ أبو محمد الجويني، والسلام في معنى الصلاة فإن اللَّه تعالى قرن بينهما فلا يفرد به غائب غير الأنبياء فلا يقال أبو بكر وعمر وعلى عليهم السلام وإنما يقال ذلك خطابا للأحياء والأموات فيقال: السلام عليكم ورحمة اللَّه. واللَّه تعالى أعلم.