للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب


[ () ] جيشا، ورأس عليهم رجلا يدعى سارية، فبينما عمر يخطب، جعل ينادي: يا سارية الجبل، ثلاثا، ثم قدم رسول الجيش، فسأله عمر، فقال: يا أمير المؤمنين هزمنا، فبينا نحن كذلك إذا سمعت صوتا ينادي: يا سارية الجبل، ثلاثا، فأسندنا ظهورنا إلى الجبل، فهزمهم اللَّه! قيل لعمر: إنك كنت تصيح بذلك، وذلك الجبل الّذي كان سارية عنده وفد من أرض العجم. قال ابن حجر في الإصابة:
إسناده حسن.
وقال خزيمة بن ثابت: كان عمر إذا استعمل عاملا كتب له، واشترط عليه أن لا يركب برذونا، ولا يأكل نقيا، ولا يلبس رقيقا، ولا يغلق بابه دون ذوي الحاجات، فإن فعل فقد حلّت عليه العقوبة.
ولي الخلافة بعهد من أبي بكر في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة، قال الزهري: استخلف عمر يوم توفي أبو بكر، يوم الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة. أخرجه الحاكم، فقام بالأمر أتمّ قيام وكثرت الفتوح في أيامه.
وقال أبو رافع: كان أبو لؤلؤة مولى المغيرة يصنع الأرحاء (جمع رحى) ، وكان المغيرة يستغلّه كل يوم أربعة دراهم، فلقى عمر فقال: يا أمير المؤمنين، إن المغيرة قد أثقل عليّ فكلّمه، فقال:
أحسن إلى مولاك- ومن نية عمر أن يكلم المغيرة فيه- فغضب وقال: يسع الناس كلّهم عدله غيري، وأضمر قتله، واتخذ خنجرا، وشحذه وسمّه، وكان عمر يقول: «أقيموا صفوفكم» قبل أن يكبّر، فجاء فقام حذاءه في الصف، وضربه في كتفه وفي خاصرته فسقط عمر، وطعن ثلاثة عشر رجلا معه، فمات منهم ستة.
وحمل عمر إلى أهله، وكادت الشمس تطلع، فصلى عبد الرحمن بن عوف بالناس بأقصر سورتين (الكوثر والنصر) . وأتي عمر بنبيذ فشربه، فخرج من جرحه، فلم يتبين، فسقوه لبنا، فخرج من جرحه، فقالوا: لا بأس عليك، فقال-: إن يكن بالقتل بأس فقد قتلت، فجعل الناس يثنون عليه ويقولون: كنت وكنت، فقال: أما واللَّه وددت أني خرجت منها كفافا لا عليّ ولا لي، وأن صحبة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم سلمت لي.
وأثنى عليه ابن عباس فقال: لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من هول المطلع، وقد جعلتها شورى في عثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد. وأمر صهيبا أن يصلى بالناس. أخرجه الحاكم. وقال ابن عباس: كان أبو لؤلؤة مجوسيا.
وقال عمرو بن ميمون: قال عمر: الحمد للَّه الّذي لم يجعل منيّتي بيد رجل يدّعي الإسلام، ثم قال لابنه: يا عبد اللَّه، انظر ما عليّ من الدين، فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفا أو نحوها، فقال:
إن وفى مال آل عمر فأدّه من أموالهم، وإلا فاسأل في بني عدي، فإن لم تف أموالهم فاسأل في قريش.
اذهب إلى أم المؤمنين عائشة فقل: يستأذن عمر أن يدفن مع صاحبيه، فذهب إليها فقالت: كنت أريده- تعني المكان- لنفسي، ولأوثرنّه اليوم على نفسي، فأتي عبد اللَّه فقال: قد أذنت، فحمد اللَّه تعالى، وقيل له: أوصي يا أمير المؤمنين واستخلف، قال: ما أرى أحدا أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وهو عنهم راض، فسمي الستة.
وأما أوّليات عمر رضي اللَّه عنه:
* فهو أول من سمي أمير المؤمنين. * وأول من كتب التاريخ من الهجرة.
* وأول من اتخذ بيت المال. * وأول من سنّ قيام شهر رمضان في جماعة.