للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهم إلى الحدق، ولعمر بن الخطاب [ (١) ]


[ (١) ] هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزّى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عديّ بن كعب بن لؤيّ، أمير المؤمنين، أبو حفص، القرشيّ، العدويّ، الفاروق، أسلم في السنة السادسة من النبوة، وله سبع وعشرون سنة.
أمّه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة، المخزومية، وقيل: حنتمة بنت هشام، أخت أبي جهل. ولد عمر رضي اللَّه عنه بعد الفيل بثلاث عشرة سنة. وقيل: ولد بعد الفجار الأعظم بأربع سنين، قبل المبعث النبوي بثلاثين سنة، وقيل: غير ذلك.
وكان من أشراف قريش، وإليه كانت السفارة في الجاهلية، فكانت قريش إذا وقعت الحرب بينهم- أو بينهم وبين غيرهم- بعثوه سفيرا: أي رسولا، وإن نافرهم منافر أو فاخرهم مفاخر، بعثوه منافرا أو مفاخرا.
أسلم قديما بعد أربعين رجلا وإحدى عشرة امرأة، وقيل: بعد تسعة وثلاثين رجلا وثلاث وعشرين امرأة، وقيل: غير ذلك، فما هو إلا أن أسلم، فظهر الإسلام بمكة، وفرح به المسلمون.
وهو أحد السابقين الأولين، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الخلفاء الراشدين، وأحد أصهار رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، وأحد كبار علماء الصحابة وزهّادهم. روي له عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم خمسمائة حديث وتسعة وثلاثون حديثا.
روي عنه عثمان بن عفان، وعلي، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف وابن مسعود، وأبو ذر الغفاريّ، وعمرو بن عبسة، وابنه عبد اللَّه، وابن عباس، وابن الزبير، وأنس، وأبو هريرة وعمرو بن العاص، وأبو موسى الأشعري، والبراء بن عازب، وأبو سعيد الخدريّ، وآخرون.
أخرج الترمذي عن ابن عمر، أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: «اللَّهمّ أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك، بعمر بن الخطاب، أو بأبي جهل بن هشام» . وأخرج الحاكم عن ابن عباس، أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم قال: «اللَّهمّ أعز الإسلام بعمر بن الخطاب خاصة» .
وأخرج أحمد عن عمر قال: خرجت أتعرض لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فوجدته قد سبقني إلى المسجد، فقمت خلفه، فاستفتح سورة الحاقة، فجعلت أتعجب من تأليف القرآن، فقلت: واللَّه هذا شاعر كما قالت قريش، فقرأ: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ (الحاقة: ٤٠- ٤١) فوقع في قلبي الإسلام كل موقع، وقصة إسلامه معروفة، نمسك عن ذكرها لطولها واشتهارها.
وقيل لأبي بكر في مرضه: ماذا تقول لربك وقد وليت عمر؟ قال: أقول له: وليت عليهم خيرهم.
أخرجه ابن سعد.
وأخرج الشيخان عن عمر قال: وافقت ربي في ثلاث: قلت: يا رسول اللَّه لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى (البقرة/ ١٢٥) ، وقلت: يا رسول اللَّه، يدخل على نسائك البر والفاجر، فلو أمرتهن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم في الغيرة، فقلت: عسى ربه إن طلقهن أن يبدله أزوجا خيرا منكن، فنزلت كذلك.
قال أبو عبد اللَّه الشيبانيّ في (فضائل الإمامين) : وافق عمر ربه في أحد وعشرين موضعا، فذكرها، وقد أمسكنا عن ذكرها خشية الإطالة.
وأخرج البيهقي وأبو نعيم- كلاهما في دلائل النبوة- عن نافع عن ابن عمر، قال: وجّه عمر