للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرّج النسائيّ [ (١) ] من حديث سعيد بن أبي مريم، قال: أنبأنا موسى بن سلمة، قال: حدثني عبد الجليل بن حميد عن ابن شهاب، عن أبي سنان الدؤلي، عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم قام فقال: إن اللَّه قد كتب عليكم الحج، فقال الأقرع بن حابس التميمي: كل عام يا رسول اللَّه؟ فسكت، ثم قال: لو قلت: نعم لوجبت، ثم إذا لا تسمعون، ولا تطيعون، ولكنه حجة واحدة.

وخرّجه قاسم بن أصبغ من حديث محمد بن كثير، أنبأنا سليمان، عن الزهري عن سنان بن أبي سنان، عن ابن عباس- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: إن اللَّه كتب عليكم الحج، فقيل: يا رسول اللَّه كل عام؟ قال: لا. ولو قلتها لوجبت الحج مرة واحدة، فمن زاد فهو تطوع [ (٢) ] .


[ () ] الّذي فوض إليه البيان، فهو إن أراد أن يبقيه على الإطلاق يبقيه عليه، وإن أراد أن يقيده بكل عام يقيده به، ثم فيه إشارة إلى كراهة السؤال في النصوص المطلقة والتفتيش عن قيودها، بل ينبغي العمل بإطلاقها، حتى يظهر فيها قيد وقد جاء القرآن موافقا لهذه الكراهة
(ذروني)
أي اتركوني من السؤال عن القيود في المطلقات،
(ما تركتكم)
عن التكليف في القيود فيها، وليس المراد لا تطلبوا مني العلم ما دام لا أبين بنفسي
(واختلافهم)
عطف على كثرة السؤال، إذ الاختلاف وإن قل يؤدى إلى الهلاك، ويحتمل أنه عطف على سؤالهم فهو إخبار عمن تقدم بأنه كثر اختلافهم في الواقع فأداهم إلى الهلاك، وهو لا ينافي أن القليل من الاختلاف مؤد إلى الفساد
(فإذا أمرتكم إلخ)
يريد أن الأمر المطلق لا يقتضي دوام الفعل، وإنما يقتضي جنس المأمور به، وأنه طاعة مطلوبة ينبغي أن يأتي كل إنسان منه على قدر طاقته وأما النهي فيقتضي دوام الترك، واللَّه- تبارك وتعالى- أعلم.
[ (١) ] (المرجع السابق) : حديث رقم (٢٦١٩) .
[ (٢) ] راجع الحواشي السابقة.