للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم يوما: لن يبسط أحد منكم ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه، ثم يجمعه إلى صدره، فينسى من مقالتي شيئا أبدا، فبسطت نمرة ليس على ثوب غيرها حتى قضى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم مقالته، ثم جمعتها إلى صدري، فو الّذي بعثه بالحق ما نسيت من مقالته تلك إلى يومى هذا، واللَّه لولا آتيان في كتاب اللَّه ما حدثتكم شيئا أبدا إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى إلى قوله: الرحيم.

وخرّج البخاري [ (١) ] والنسائي من حديث مالك عن ابن شهاب، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: إن الناس يقولون: أكثر أبو هريرة، ولولا آيتان في كتاب اللَّه ما حدثت حديثا، ثم يتلون إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى، إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم، وإن أبا هريرة كان يلزم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يشبع بطنه، ويحضر ما لا يحضرون، ويحفظ ما لا يحفظون.

وقال النسائي: ويقول على أثر الآيتين إن إخواننا من الأنصار ... الحديث، وقال فيه: فيحضر ما لا يحضرون، ذكره البخاري في كتاب العلم [ (٢) ] .


[ (١) ] (فتح الباري) : ١/ ٢٨٥، كتاب العلم، باب (٤٢) حفظ العلم، حديث رقم (١١٨) .
[ (٢) ] (فتح الباري) : ١/ ٢٨٥، كتاب العلم، باب (٤٢) حفظ العلم، حديث رقم (١١٨) قال الحافظ في (الفتح) : وقد روى البخاري في (التاريخ) ، والحاكم في (المستدرك) من حديث طلحة بن عبيد اللَّه- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه- شاهدا لحديث أبى هريرة هذا، ولفظه:
لا أشك أنه سمع من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ما لا تسمع، وذلك أنه كان مسكينا لا شيء له، ضيفا لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم.
واخرج البخاري في (التاريخ) ، والبيهقي في المدخل، من حديث محمد بن عمارة بن حزم، أنه قعد في مجلس فيه مشيخة من الصحابة بضعة عشر رجلا، فجعل أبو هريرة يحدثهم عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بالحديث فلا يعرفه بعضهم، فيراجعون فيه حتى يعرفوه، ثم يحدثهم بالحديث كذلك حتى فعل مرارا، فعرفت يومئذ أن أبا هريرة أحفظ الناس.