إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشد، وصححها وبارك لنا في صاعها، ومدها وحول حماها إلى الجحفة.
وخرّجه أيضا من حديث أبي أسامة، وابن نمير، عن هشام بن عروة [ (١) ]
قال ابن عبد البر: وقد ذكر حديث خالد، عن هشام، ولم يختلف رواة الموطأ فيها علمت، عن مالك في إسناد هذا الحديث ولا في متنه، ولم يذكر مالك- رحمه اللَّه- فيه قول عامر بن فهيرة، وسائر رواة هشام يذكرون عنه فيه بهذا الإسناد.
وذكره مالك في الموطأ، عن يحيى بن سعيد قال: قالت عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها: وكان عامر بن فهيرة يقول:
قد رأيت الموت قبل ذوقه ... إن الجبان حتفه من فوقه
قال: ورواه ابن عيينة، ومحمد بن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، فجعلا الداخل على أبي بكر وبلال وعامر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، لا عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها.
وقد تابع مالكا على روايته في ذلك سعيد بن عبد الرحمن، فذكر من طريق ابن وهب قال: أخبرني سعيد بن عبد الرحمن، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة- رضي اللَّه تبارك وتعالى عنها- أنها قالت: لما قدم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم المدينة وعك أبو بكر وبلال وعامر بن فهيرة، قالت: فدخلت عليهم، وهم في بيت، فقلت: يا أبه كيف تجدك؟ ويا بلال كيف تجدك؟ فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:
كل امرئ مصبح في أهله ... والموت أدنى من شراك نعله
ويقول عامر بن فهيرة:
قد ذقت طعم الموت قبل ذوقه ... إن الجبان حتفه من فوقه
وكان بلال إذا أقلع عنه يقول: ألا ليت شعرى، فذكر البيتين والحديث إلى آخره كرواية مالك سواء إلا أنه ذكر فيه قول عامر بن فهيرة كما ترى، وجعل الداخلة عليهم عائشة.