٤٩] ، حديث رقم (٢٧٤٤) قوله: (باب الوصية بالثلث) أي جوازها أو مشروعيتها، وقد سبق تقرير ذلك في الباب الّذي قبله، واستقر الإجماع على منع الوصية بأزيد من الثلث، لكن اختلف فيمن كان له وارث، وسيأتي تحريره في «باب لا وصية الوارث» وفيمن لم يكن له وارث خاص فمنعه الجمهور وجوزه الحنففية وإسحاق وشريك وأحمد في رواية، وهو قول علي وابن مسعود، واحتجوا بأن الوصية مطلقة بالآية فقيدتها السنة بمن له وارث فيبقى من لا وارث له على الأطلاق، وقد تقدم في الباب الّذي قبله توجيه لهم آخر، واختلفوا أيضا هل يعتبر ثلث المال حال الوصية أو حال الموت؟ على قولين، وهما وجهان للشافعية أصحهما الثاني، فقال بالأول مالك وأكثر العراقيين وهو قول النجعى وعمر بن عبد العزيز، وقال بالثاني أبو حنيفة وأحمد والباقون وهو قول علي بن أبي طالب- رضي اللَّه عنه وجماعة من التابعين، وتمسك الأولون بأن الوصية عقد والعقود تعتبر بأولها، وبأنه لو نذر أن يتصدق بثلث ماله، اعتبر ذلك حالة النذر اتفاقا، وأجيب بأن الوصية ليست عقدا من كل جهة، ولذلك لا تعتبر بها الفورية ولا القبول، وبالفرق بين النذر والوصية بأنها يصح الرجوع عنها والنذر يلزم بما علمه الموصي دون ما خفي غليه أو تجدد له ولم يعلم به؟ وبالأول قال الجمهور، وبالثاني قال مالك وحجة أنه لا يشترط ان يستحضر تعداد مقدار المال حالة الوصية اتفاقا، ولو كان عالما بجنسه، فلو كان العلم به شرطا لما جاز ذلك، وثمرة هذا الخلاف تظهر فيما لو حدث له مال بعد الوصية، اختلفوا أيضا: هل يحسب الثلث من جميع المال أو تنفذ (فائدة) : أول من أوصى بالثلث في الإسلام البراء بن المعرور بمهملات، أوصى به للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم وكان قد مات قبل أن يدخل النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم المدينة بشهر، فقبله النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم ورده على ورثته، أخرجه الحاكم وابن المنذر من طريق يحيى بن عبد اللَّه بن أبي قتادة، عن أبيه، عن جده. قوله: (وقال الحسن) أي البصري (لا يجوز للذمي وصية إلا بالثلث) ، قال ابن بطال: أراد البخاري بهذا الرد على من قال كالحنفية بجواز الوصية بالزيادة على الثلث لمن لا وارث له، قال: ولذلك احتج بقول اللَّه- تعالى: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ والّذي حكم به