للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: كنت في المسجد، فدخل رجل يصلى فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلما قضينا الصلاة دخلنا على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، فقلت: إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه، فأمرهما رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فقرأ فحسن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم شأنهما، فسقط في نفسي من


[ () ] وقال أبو عبيد: سبع لغات العرب، يمنها ومعدها، وهي أفصح اللغات وأعلاها، وقيل: بل السبعة كلها لمضر وحدها، وهي متفرقة في القرآن غير مجتمعة في كلمة واحدة، وقيل: بل هي مجتمعة في بعض الكلمات، كقوله تعالى: عَبَدَ الطَّاغُوتَ، نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وبِعَذابٍ بَئِيسٍ، وغير ذلك. وقال القاضي أبو بكر الباقلاني: الصحيح أن هذه الأحرف السبعة ظهرت واستفاضت عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، وضبطها، وإنما حذفوا منها ما لم يثبت متواترا. وأن هذه الأحرف تختلف معانيها تارة، وألفاظها أخرى، وليست متضاربة، ولا متنافية، وذكر الطحاوي أن القراءة بالأحرف السبعة كانت في أول الأمر خاصة للضرورة، ولاختلاف لغة العرب، ومشقة أخذ جميع الطوائف بلغة، فلما كثر الناس والكتاب، وارتفعت الضرورة، كانت قراءة واحدة. قال الداوديّ: وهذه القراءات السبع التي يقرأ الناس اليوم بها، ليس كل حرف منها هو أحد تلك السبعة، بل تكون متفرقة فيها، وقال أبو عبيد اللَّه بن أبي صفرة: هذه القراءات السبع إنما شرعت من حرف واحد من السبعة المذكورة في الحديث، وهو الّذي جمع عليه عثمان رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه المصحف، وهذا ذكره النحاس وغيره.
وقال غيره: ولا تكن القراءة بالسبع المذكورة في ختمة واحدة، ولا يدرى أي هذه القراءات كان آخر العرض على النبي صلّى اللَّه عليه وسلم، وكلها مستفيضة عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم ضبطتها عنه الأمة، وأضافت كل حرف منها إلى من أضيف إليه من الصحابي، أي أنه كان أكثر قراءة به، كما أضيفت كل قراءة منها إلى من اختار القراءة بها من القراء السبعة وغيرهم. قال المازردى: وأما قول من قال: المراد سبعة معان مختلفة: كالاحكام والأمثال والقصص فخطأ، لأنه صلّى اللَّه عليه وسلم أشار إلى جواز القراءة بكل واحد من الحروف وإبدال حرف بحرف، وقد تقرر إجماع المسلمين أنه يحرم إبدال آية أمثال بآية أحكام. وقال: وقول من قال المراد خواتيم الآية، فيجعل مكان غَفُورٌ رَحِيمٌ سَمِيعٌ بَصِيرٌ فاسد أيضا للإجماع على منع تغيير القرآن للناس. وهذا مختصرها، ونقلة القاضي عياض في المسألة. واللَّه تعالى أعلم.